للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٤٦ - «ولا بيع ما في ظهور الإبل».

المراد بما في ظهور الإبل ماء الفحل، فإنه في الصلب كما في قوله تعالى عما خلق منه الإنسان: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧)[الطارق: ٧]، وهو المسمى عسب الفحل بفتح العين وسكون السين، ويقال عسيب، أي نزوه وضرابه، وقيل ماؤه، فعلى الأول يكون من باب الإجارة، وعلى الثاني يكون بيعا، وكلاهما ممنوع، ولا خصوصية للإبل في هذا الحكم، بل يشمل الذكر فرسا كان أو جملا أو تيسا، ودليله ما جاء في حديث ابن عمر قال: «نهى رسول الله عن ثمن عسب الفحل»، رواه أحمد والبخاري وأبو داود، وفي الموطإ (١٣٥١) عن سعيد ابن المسيب أنه قال: «لا ربا في الحيوان، وإنما نهي من الحيوان عن ثلاثة: عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة»، وقد فسر النفراوي في شرحه ما في ظهور الإبل بقوله: «بأن يقول صاحب الفحل لصاحب الناقة أبيعك ما يتكون من ماء فحلي هذا في بطن ناقتك أو ناقتي»، انتهى، ففسره بما يجمع الملاقيح والمضامين، والملاقيح جمع ملقوح، وهو ما في بطن الناقة، والمضامين جمع مضمون، وهو ما صلب الفحل، فجعل ما في ظهور الإبل يشمل الأمرين، والظاهر أنه عسب الفحل نفسه، لأن مقره الظهر كما علمت.

ولما كانت العلة عند بعضهم في منع بيع عسب الفحل الجهالة قالوا إن كان النزو مضبوطا بمرات أو بزمان جاز، فكأنه إجارة، وقيل يكره ذلك ولو مع الضبط، لأن الأجرة عليه ليست من مكارم الأخلاق، والظاهر أن الإجارة تدخل في النهي، لأنه هو المتصور قبل العصر الحديث الذي أصبح فيه عسب الفحل يحفظ ويباع، وعلى القول بجواز البيع مع الضبط يتخرج جواز بيع عسب الفحل االمستخرج المحفوظ كما في هذا العصر ليعمل حقنة للأنثى، وهذا وإن انتفت عنه الجهالة على ما تقدم، إلا أن الإقدام عليه فيه مضرة أخرى لما قد يترتب على تلقيح الحيوان بذلك من المضار لمخالفته ما جبل عليه من

<<  <  ج: ص:  >  >>