لا فرق في هذا الحكم على المشهور بين الطافح وهو من غاب عقله بالكلية، والنشوان وهو من بقي من عقله شيء، لأنه قد أدخل السكر على نفسه فكان سببا في زوال عقله، ولو لم يفعل به ذلك لتساكر الناس وقتلوا الأنفس وأتلفوا الأموال وادعوا عدم العقل بالسكر، فهو بهذا يختلف عن المجنون، لأن آفته سماوية، والمذهب أنه لا يلزمه الإقرار والعقود، وتلزمه الجنايات والعتق والحدود:
لا يلزم السكران إقرار عقود … بل ما جنى عتق طلاق وحدود
وقد روى مالك بلاغا أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان ﵄ يذكر أنه أُتي بسكران قد قتل رجلا، فكتب إليه معاوية أن اقتله به»، انتهى.
وقد حمل بعض الشراح كلام المصنف على النشوان، فهو الذي يُقتل، أما الطافح ففي قتله الدية على العاقلة قال ابن عمر وهو شارح الرسالة:«حكى بعضهم الإجماع على هذا، وحكى الخلاف في النشوان»، انتهى، وهذا الذي قاله هو المتأيد بأصول الشرع، والله أعلم.