ومعنى ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ﴾ بين قراءته، والعرب تقول ثغر رتل بفتح التاء وكسرها إذا كان مفلجا لا فضض فيه، قاله ابن العربي، وقال الشافعي: وأقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة، وكلما زاد على أقل الإبانة في القراءة كان أحب إلي، ما لم يبلغ أن تكون الزيادة فيها تمطيطا، وقد بين النبي ﷺ ذلك بفعله، فعن عن أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي ﷺ كان يقطع قراءته آية آية: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. ملك يوم الدين»، رواه الترمذي والحاكم، وتقطيع القراءة عند أبي داود أيضا، وقد كانت قراءة النبي ﷺ مرتلة لكنها قد تتفاوت في الترتيل، كما ورد أنه ربما رتل سورة حتى تكون أطول من أطول منها يعني من الزمن المستغرق في قراءتها.
والحديث تضمن بيان الترتيل المأمور به، ومن جملة ما فيه الوقف، وأهل الأصول يرون أن أفعال النبي ﷺ إذا كانت بيانا، فحكمها حكم المبين، والأمر هنا كذلك، والمبين الذي هو الترتيل واجب، فيكون الوقف واجبا في الجملة، ولا يبعد أن يقال إنه واجب على رؤوس الآي، ما استطاع التالي إلى ذلك سبيلا، فإن التقوى بحسب الاستطاعة، وقد ورد ما يؤخذ منه أن الصحابة كانوا يتعلمون مواضع الوقف، وهو الأثر الذي أخرجه النحاس عن عبد الله بن عمر قال: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد ﷺ، فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها، كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم، ولقد رأينا اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يدري ما أمره، ولا زجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه».
وقال مالك في سرعة القراءة:«من الناس إذا هذ كان أخف عليه، وإذا رتل أخطأ، ومن الناس من لا يحسن يهذ، والناس في هذا على قدر حالاتهم، وما يخف عليهم، وكل واسع»، ذكره في النوادر في باب مس المصحف، والهذ ورد ذمه على لسان ابن مسعود