للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٤٧ - «وكذلك صوم يوم عاشوراء ورجب وشعبان ويوم عرفة والتروية».

لما ذكر التطوع بالصوم من غير تحديد ذكر بعض الأيام التي جاء الحث على صومها، منها عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر المحرم، وقد كان المشركون يصومونه في الجاهلية، وصامه المسلمون أول ما قدم النبي المدينة بأمره، فلما فرض رمضان في السنة الثانية كان من شاء صامه ومن شاء أفطره، فقيل كان واجبا ثم نسخ، وهو مدلول كثير من الأحاديث، وقيل كان مستحبا مؤكدا فخفف فيه، ولا يساعد عليه ظاهر الأحاديث، ولاسيما حديث سلمة بن الأكوع الذي فيه أن رسول الله أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس: إن من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء»، فالأمر بالإمساك بعد الأكل لا يناسب المندوب، فيكون حجّة على جزاء نية الصوم في النهار لمن لم يبلغه الخبر، ولم يكن قد أفطر، وليس عليه قضاء.

وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: «كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان قال: «من شاء صامه ومن شاء تركه»، رواه مالك والشيخان، وجاء نحوه عن ابن عمر أيضا، وعن معاوية عن النبي قال: «إن هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء صام، ومن شاء فليفطر»، رواه الشيخان، وروى مسلم وأبو داود عن ابن عباس أن النبي صام يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، قال: «فإذا كان عام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع»، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله ، وهذا فيه بعض المخالفة لكون علمه بتعظيمهم إياه كان قد علمه أول مقدمه المدينة، ووفاته متراخية نحو الثماني سنوات عن ذلك، وليس هذا بكلام الله ولا كلام رسوله حتى نتعنى في البحث عن الجمع بين المتعارض منه، أعني الإخبار بوقت صومه ووقت قوله ما قال، والذي ينبغي أن يعلم أن شريعة هذا النبي الكريم

<<  <  ج: ص:  >  >>