٢ - «فأول وقتها انصداع الفجر المعترض بالضياء في أقصى المشرق ذاهبا من القبلة إلى دبر القبلة، حتى يرتفع، فيعم الأفق، وآخر الوقت؛ الإسفار البين، الذي إذا سلم منها بدا حاجب الشمس، وما بين هذين وقت واسع، وأفضل ذلك أوله».
هذا شروع من المؤلف في بيان أوقات الصلوات، وقد ابتدأ بالصبح لكونها أول صلاة في اليوم، ولو ابتدأ بالظهر لكان أفضل ليوافق أول صلاة صلاها جبريل بالنبي ﷺ، ولأنها التي ابتدأ القرآن بذكرها كما تقدم.
واعلم أن الأصل المبادرة بالصلاة في أول وقتها، وتأخيرها عن ذلك إنما هو لمقتض آخر، كما دل على ذلك عمومات كتاب الله تعالى كقوله سبحانه: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣)﴾ [آل عمران: ١٣٣]، وقوله جلت قدرته مثنيا على أنبيائه ورسله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء: ٩٠]، وقوله تعالى: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ [طه: ٨٤]، وعن أم فروة قالت:«سئل النبي ﷺ أي الأعمال أفضل؟، قال: «الصلاة في أول وقتها»، رواه أبو داود (٤١٨)، والترمذي (١٧٠)، ولم يقل فيه الترمذي شيئا على خلاف عادته، وفيه عبد الله بن عمر العمري، وصححه الألباني، وهذا الحديث مقيد لقوله ﷺ جوابا عن سؤال عبد الله بن مسعود «أي العمل أفضل»، فقال:«الصلاة على مواقيتها،،، الحديث»، فإنه أعم من الأول.
وقد نقل أبو الفرج عن مالك أن «أول الوقت أفضل في كل صلاة إلا الظهر في شدة الحر»، وهو في الاستذكار (١/ ٢٤)، ولعل هذا إنما هو التأخير الزائد على ما سيأتي ذكره مما قاله من التأخير لمساجد الجماعات.