للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البساتين، ومحتضرة بفتح الضاد؛ تحضرها الشياطين، كما قال الله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)[المؤمنون: ٩٧ - ٩٨].

وروي عن ابن عباس أن النبي قال: «لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث» (١)، وعلة النهي عن الصلاة خلف المتحدث أنه يشغل المصلي عن صلاته بكلامه، وعلة ذلك في النائم لما قد يحصل منه حال نومه، لكن كان النبي يصلي وزوجه عائشة ممتدة أمامه وهو في الصحيح، وقد يكون ذلك لعدم إمكان غيره، لضيق البيوت.

وعن أبي مرثد الغنوي قال، سمعت رسول الله يقول: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» (٢).

وقال البخاري: «ورأى عمر أنس بن مالك يصلي عند قبر فقال: القبر!! القبر!!، ولم يأمره بالإعادة».

وقوله القبر القبر المراد به التحذير، ولا يدل عدم أمره بالإعادة على عدم بطلان صلاة من تعمد الصلاة إلى القبر، إلا إذا وقع التسليم باستواء الجاهل والعامد في هذا الأمر مع العالم وغيرالمتعمد، وحال أنس يدل على أنه لم يكن متعمدا، فقد جاء في ذلك الأثر أنه جاز القبر وصلى، ولعل النهي عن الصلاة إلى القبر لكونه ذريعة إلى الإشراك بالله تعالى، فإن تعمد الصلاة إليه لا يكون إلا لغرض كالتعظيم، وقصد الانتفاع، والتبرك بالبقعة، ونحو ذلك، وكله غير مشروع، وإن تفاوت في الأثر.

• ومن ذلك مسجد الضرار، لقول الله تعالى: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾ [التوبة: ١٠٨]، أي لا تصل فيه.

قال القرطبي: «لا يجوز أن يبنى مسجد إلى جنب مسجد، ويجب هدمه، والمنع من بنائه، لئلا ينصرف أهل المسجد الأول فبيقى شاغرا، إلا أن تكون المحلة كبيرة لا يكفي أهلها مسجد واحد فيبنى حينئذ، إلى أن قال: كل مسجد بني على ضرار أو رياء وسمعة فهو


(١) أبو داود (٦٩٤) والبيهقي، وقد حسنه الألباني في الإرواء لما له من الشواهد.
(٢) رواه مسلم وأبو داود (٣٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>