للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٠٩ - «ومن أعرى ثمر نخلات لرجل من جنانه فلا بأس أن يشتريها إذا أزهت بِخِرْصِهَا تمرا يعطيه ذلك عند الجذاذ، إن كان فيها خمسة أوسق فأقل، ولا يجوز شراء أكثر من خمسة أوسق إلا بالعين والعرض».

روى مالك ومن طريقه البخاري ومسلم عن زيد بن ثابت «أن رسول الله أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها»، وعن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله نهى عن بيع التمر بالتمر، ورخص في العرايا أن تشترى بخرصها يأكلها أهلها رطبا»، وإنما قال نهى عن بيع التمر بالتمر لأن التفاضل ممنوع، والتجارة إنما تراد للربح، وروى مالك عن أبي هريرة مرفوعا أن رسول الله أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق»، يشك داود»، وداود هو ابن الحصين شيخ مالك في الحديث، وقد رواه صاحبا الصحيح من طريق مالك أيضا.

وهذا الباب يعرف بباب العرايا، وإنما أخر الكلام عليه لأنه مركب من كون الشخص يعطي، ثم يشتري عطيته ممن أعطاه إياها للمصلحة، يقال عروته أعروه إذا طلبت معروفه، فالعرية فعيلة بمعنى مفعولة، أي معروة، والمراد هنا أن يمنح المرء ثمر نخلة أونخلات إلى غيره العام والعامين، ثم يشتريها منه لما قد يكون للمعرى من المصلحة في أخذ العوض، وللمعري من دفع الحرج الحاصل من دخول الممنوح حائطه، فالقصد من الحديث عنها ليس لمجرد كونها عطية، فإن موضعه في باب الهبة، بل لبيان شروط بيعها، وكونها مستثناة من أصل ممنوع، وهو بيع التمر بالتمر إلا مثلا بمثل، والمثلية لا تتحقق في بيع الرطب منه باليابس، فيكون من المزابنة المنهي عنها، لأن الجهل بالتساوي كتحقق التفاضل، وقول المؤلف بِخِرْصِهَا هو بكسر الخاء أي بقدر كيلها، أما الخَرْصُ بفتح الخاء فهو اسم للفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>