٢٧ - «والبراءة في الرقيق جائزة مما لم يعلم البائع».
لا يجوز التبرؤ من عيوب المبيع كأن يقول أبيع لك هذا على أن لا يلزمني شيء فيما ظهر من العيوب القديمة التي لم أعلمها، بحيث لا يكون للمشتري حق الرد، ولا حق أخذ الناقص من الثمن، وهذا هو المشهور الذي رجع إليه مالك ﵀، لكن إذا كان المبيع رقيقا جاز بيعه على التبرؤ من العيوب التي يحتمل أن تظهر فيه كالإباق والسرقة بشرط أن تطول إقامته عند بائعه، أما إن علم البائع بالعيب أو لم تطل إقامته عنده فلا يجوز التبري، فإن ظهر العيب فعلى البائع اليمين للمبتاع أنه ما علم به، فإن نكل البائع ردت اليمين على المبتاع أنه علمه وكتمه، وقيل لا ترد، وقد عللوا جواز التبري من العيوب في الرقيق بخاصة بأنه يختلف عن غيره من المبيعات إذ يمكنه أن يكتم العيب ويتحايل مدة ما لتنتقل ملكيته أو لغير ذلك مما يريد حصوله بخلاف غيره من السلع.
وقد روى مالك (١٢٩٣) عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر ﵄ باع غلاما له بثمانمائة درهم، وباعه بالبراءة، فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر:«بالغلام داء لم تسمه لي»، فاختصما إلى عثمان بن عفان ﵁ فقال الرجل:«باعني عبدا وبه داء لم يسمه»، وقال عبد الله:«بعته بالبراءة»، فقضى عثمان بن عفان على عبد الله بن عمر أن يحلف له:«لقد باعه العبد وما به داء يعلمه، فأبى عبد الله أن يحلف، وارتجع العبد فصح عنده، فباعه عبد الله بعد ذلك بألف وخمسمائة درهم»، انتهى، ففيه قضاء عثمان وإقرار ابن عمر له على البراءة من العيب الذي لم يعلمه البائع، لأن ابن عمر لو حلف على عدم علمه بالعيب ما رد المبيع إليه، وعدم حلفه لا يدل على أنه كان يعلم العيب، بل كان الحكم لعدم ثبوت جهل البائع بذلك، وقد يكون الشخص محقا ويمتنع من الحلف، وهذا هو المظنون بابن عمر، وسيأتي لك أن أهل المذهب يجوزون الصلح على النكول عن اليمين.