مستطاعه منه، وهو الاستناد، وهكذا في الجلوس، وقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري (١١١٧)، وهذا لفظه، والترمذي (٣٧٢) عن عمران بن حصين قال: «كانت بي بواسير، فسألت النبي ﷺ عن الصلاة، فقال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب»، والبواسير جمع باسور؛ هو ورم في باطن المقعدة، وشرط عدم القدرة على القيام لجواز الانتقال إلى القعود إنما هو في المكتوبة لا النفل، فيجوز ذلك فيه ابتداء، والمشروع لمن صلى جالسا أن يتربع، ويغير جلسته بين السجدتين على الأصل، وقد كان ابن عمر يتربع، إذ روى البخاري (٨٢٧) عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله أنه أخبره أنه كان يرى عبد الله بن عمر ﵄ يتربع في الصلاة إذا جلس،،،» الحديث، وإن عجز المريض الذي يصلي جالسا عن السجود أومأ له أخفض من الركوع.
ولا يسوغ للمصلي أن يؤخر الصلاة عن وقتها لعجزه عن الإتيان بها على كمالها كعجزه عن القيام أو عن الركوع أو غيره من هيئاتها، فإن الأوامر تؤدى بحسب الاستطاعة ولا تسقط إلا بالعجز التام عنها، لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، ولقول النبي ﷺ:«ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم»، وقال الله تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)﴾ [الحِجر: ٩٩]، واليقين هنا الموت، قال ابن كثير ﵀:«ويستدل بهذه الآية الكريمة على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتا، فيصلي بحسب حاله،،،، ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم، وهذا كفر وضلال وجهل، فإن الأنبياء ﵈ كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله، وأعرفهم بحقوقه وصفاته، وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع هذا أعبد، وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة وإنما المراد باليقين هنا الموت كما قدمناه»، وقال تعالى عن نبيه عيسى ﵊: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ [مريم: ٣١].