٠٩ - «ومن نذر صدقة مال غيره، أو عتق عبد غيره؛ لم يلزمه شيء».
وهذا لأنه نذر ما لا يملك، فلا ينعقد نذره، كمن طلق قبل النكاح فلا عبرة بطلاقه لأنه لما يملك العصمة بعد، يدل عليه قول النبي ﷺ:«لا وفاء للنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم»، رواه مسلم، وأبو داود (٣٣١٦) عن عمران بن حصين، وقد يقال إنه من اللازم لمن قالوا إن نذر المعصية فيه كفارة يمين؛ أن يقولوا بالكفارة في نذر ما لا يملكه المرء، لأنه معصية كما هو الظاهر، لا مكروه فقط كما هو المشهور، بل قد يحشر في خانة العبث، ولأنه مع ذلك ذكر مع نذر المعصية في الحديث، فتقوى به دلالة الاقتران، كما يلزم أهل المذهب وغيرهم ممن قالوا بلزوم الكفارة لمن حلف على فعل معصية؛ أن يقولوا بلزوم الكفارة لمن نذر فعل المعصية، لأن النذر مع تسميته يمينا؛ أقوى من اليمين القسمية، أو لا ترى أنه لا استثناء فيه، ولا كفارة على المشهور في المذهب، إلا فيما كان منه مبهما، وقد يجري هذا أيضا فيمن نذر المباح، فيقال إذا كان حلفه على فعل المعصية يطالب فيه بالكفارة فأولى أن يطالب بها في نذر المباح إذا لم يفعله وهذا هو الصواب إن شاء الله، أما الاستدلال على ذلك بما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت يا رسول الله ﷺ إني نذرت إن انصرفت من غزوتك سالما أن أضرب على رأسك بالدف، فقال لها:«أوفي بنذرك»، فقد قيل إنه إنما أمرها بالوفاء لأن نذرها اقترن بالفرح بقدومه ﷺ سالما، فصار شبيها بالقربة من هذه الحيثية، وإن كان الأصل في الضرب بالدف في غير ما استثني المنع، وانظر معالم السنن للخطابي، وفي كلام ابن عمر شارح الرسالة أن من نذر التصدق بمال غيره؛ لا يلزمه الوفاء إلا أن يقصد ملكه، فيلزمه النذر إذا ملكه، ولعله قاسه على طلاق معينة قبل النكاح على المشهور، ذكره أبو الحسن في شرحه (٢/ ٢٨٣).