مسلم عن أنس بن مالك ﵁ أن رسول الله ﷺ رخص لعبد الرحمن ابن عوف والزبير بن العوام في القُمُص الحرير في السفر من حكة كانت فيهما، أو وجع كان بهما»، والظاهر أن هذا ليس خاصل بهما، فإن حكم الشرع على الواحد حكم على غيره.
وروى مسلم عن ابن عباس ﵄ أن رسول الله ﷺ رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال:«يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده»، وفيه تغيير المنكر باليد لمن قدر عليه، وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن بريدة أن رجلا جاء إلى النبي ﷺ وعليه خاتم من شبه، فقال له:«ما لي أجد منك ريح الأصنام»؟، فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال:«ما لي أرى عليك حلية أهل النار»؟، فطرحه، فقال:«يا رسول الله، من أي شيء اتخذه»؟، قال:«اتخذه من ورق، ولا تتمه مثقالا»، وهو ضعيف، والشبه بفتح الشين والباء النحاس الأصفر، سمي كذلك لأنه يشبه الذهب في اللون، قال الحافظ بعد أن أورد بعض كلام أهل العلم في سنده:«فإن كان محفوظا حمل المنع على ما كان حديدا صرفا»، انتهى.
أما الاستدلال على جواز لبس خاتم الحديد بقول النبي ﷺ الذي في الصحيح:«التمس ولو خاتما من حديد» فغير مقبول، لأنه لا يلزم من جواز الاتحاذ جواز اللبس، وله أمثلة في السنة منها الحلة السيراء التي وهبها النبي ﷺ لعلي، وكذلك عمر، ومع ذلك منعهما من لبسها، ومنها أن النبي ﷺ أهدي له ثوب حرير فقبله وهو لا يلبسه، وهو في الصحيح، ومنها إعطاؤه مخرمة قَبَاء من ديباج مزررا بالذهب، وهو في الصحيح أيضا، ومنها أن العلماء اختلفوا في أواني الذهب والفضة هل تمتلك؟، وإن كان استعمالها ممنوعا، والامتلاك للانتفاع وهو أعم من اللبس.
وقال في المدونة في باب الإحداد:«لا تلبس حليا ولا قرطا ولا خاتم حديد»، انتهى، فرأى بعضهم أن ظاهرها جواز لبس خاتم الحديد، أخذه من ذكر منع المعتدة منه، والمعتمد عندهم كراهة التختم به، وقد روى البيهقي في الشُّعَب عن عبد الله بن عمرو قال: نهى رسول الله ﷺ عن خاتم الذهب وخاتم الحديد».
قال الشيخ علي العدوي في حاشيته على شرح أبي الحسن عن التختم بالحديد: