١٦ - «وقال النبي ﵇: إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي أو فاجر شقي أنتم بنو آدم وآدم من تراب».
يظهر أن غرض المؤلف من الكلام على النسب كفكفة الغلو الذي كان في وقته وما يزال عند بعض الناس، وهو التفاخر بالأنساب، ونسيان ما يكون به التفاضل على الوجه الحق، وهو تقوى الله تعالى كما قال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)﴾ [الحُجُرات: ١٣]، وقال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)﴾ [يونس: ٦٢ - ٦٣]، ولأن بعض الناس يمتنعون من تزويج الكفء لكونه غير شريف كما يقولون، ومذهب مالك أن الكفاءة في النكاح الدين والحال، وقال النبي ﷺ:«يا بني عبد مناف، اشتروا أنفسكم من الله، يا بني عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله، يا أم الزبير بن العوام عمة رسول الله، يا فاطمة بنت محمد، اشتريا أنفسكما من الله لا أملك لكما من الله شيئا، سلاني من مالي ما شئتما»، رواه البخاري عن أبي هريرة، وقال النبي ﷺ:«ومن أبطأ به عمله لم يُسْرِعْ به نسبه»، رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة من جملة حديث.
فأما قوله ﷺ:«كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي»، رواه الطبراني والبيهقي والحاكم عن عمر ﵁، وهو في الصحيحة برقم (٢٠٣٦) فلا يخالف ما سبق، فإن المراد بالسبب ما يتوصل به إلى الشيء، وهذا شأن أتباعه الموحدين، والنسب أهل بيته، وأقاربه منهم بخاصة،
وقد تزوج عمر بن الخطاب أم كلثوم لهذا الحديث لرغبته أن يكون بينه وبين النبي ﷺ هذه الصلة الزائدة، وقال الغماري في كتابه المداوي: «إن هذه القصة والحديث