١٦ - «ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد نبيه ﷺ، فجعله آخر المرسلين، بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وأنزل عليه كتابه الحكيم، وشرح به دينه القويم، وهدى به الصراط المستقيم».
هذا هو الشطر الثاني من كلمة التوحيد، وهو الإيمان بأن محمدا ﷺ رسول الله، وأنه خاتم الأنبياء والرسل.
والرسالة هي اختصاص النبي ﷺ بخطاب التبليغ عن الله تعالى.
والختم أصله سد الإناء، والغلق على الكتاب، ففيه معنى إنهاء الشيء، وقد كان العرب يضعون على الرسائل من خارج شيئا طريا، فإذا يبس تعذر الفتح، فإن فتح علم بذلك المرسل إليه، كما كانوا يضعون طبقة من الطين على الإناء الذي به خمر أو غيره حتى لا يدخله الهواء استبقاء لرائحته ونكهته، كما قال تعالى عن شراب الأبرار: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)﴾ [المطففين: ٢٥ - ٢٦]، فوضع الخاتم على الشيء مشعر باكتماله، فلا يضاف إليه شيء، وهكذا نبينا محمد ﷺ لا يكون بعده مثله لا من الأنبياء ولا من الرسل، بل إن عيسى ﷺ إذا نزل قضى بشريعته، بل وائتم بواحد من أمته.
والنذارة التحذير من السوء اللاحق بسبب المخالفة، والمنذر والنذير القائم بذلك، وقد وصف النبي ﷺ نفسه في الحديث بأنه النذير العريان (١).
(١) يشير إلى الحديث المتفق عليه: البخاري (٦٤٨٢)، ومسلم (٢٢٨٣).