للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٢ - «ولا يعود مريضا، ولا يصلي على جنازة، ولا يخرج لتجارة».

هذا قد عرف من قول أم المؤمنين عائشة عن النبي : «كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان»، وقد تقدم، وفي الموطإ (٦١٣) من رواية عمرة بنت عبد الرحمن قالت: إن عائشة كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض، إلا وهي تمشي لا تقف»، وقال مالك: «لا يأتي المعتكف حاجته، ولا يخرج لها، ولا يعين أحدا، إلا أن يخرج لحاجة الإنسان، ولو كان خارجا لحاجة أحد؛ لكان أحق ما يخرج إليه؛ عيادة المريض، والصلاة على الجنائز واتباعها».

وقد كره أهل المذهب أن يصلي المعتكف على الجنازة ولو اتصلت صفوفها به وهو في المسجد، أما خارجه فلا يصلي عليها إلا إذا تعينت عليه.

فإن قيل: كيف لا يفعل ما هو قربة داخل المسجد وهو غير مناف للاعتكاف؟، فالجواب: أن لأهل المذهب في هذا الأمر اتجاهين؛ أولهما: أن للمعتكف أن يفعل المبار كلها في المسجد، «من قراءة القرآن، والعلم، والتدريس، وكتب الدين، فإنها من أفضل القرب وأجل الرغائب»، وعلى هذا ابن نافع، وأيده ابن العربي، والثاني: أنه لا يفعل ما عدا الصلاة والذكر وقراءة القرآن ونحو ذلك مما الشأن فيه أن يفعل في المسجد، حتى الاشتغال بالتعليم لا يسوغ، إلا أن يكون تعليما للقرآن الكريم.

قال في المدونة: «كره مالك أن يكتب المعتكف العلم في المسجد، وقال عنه ابن وهب: «إلا أن يكون الشيءَ اليسير، والترك أحب إلي، والتجرد للعبادة»، أما قوله «ولا يخرج للتجارة»؛ فهو من باب أولى، لأنه إذا لم يخرج للقربة، فأولى أن لا يخرج للمباحات غير اللازمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>