للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الإمارة والتجنيد، ونحو ذلك من الولايات، أو كانت منفعة بمنفعة كالتعاون والتناصر ونحو ذلك تنقسم أربعة أقسام:

- فإنها إما أن تكون مباحة من الجانبين كالبيع والإجارة والتعاون على البر والتقوى.

- وإما أن تكون حراما من الجهتين، كبيع الخمر بالخنزير، والاستئجار على الزنا بالخمر، وعلى شهادة الزور بشهادة الزور.

- وإما أن يكون مباحا من إحدى الجهتين حراما من الأخرى، وهذا القسم ينبغي لأهل الإسلام أن يعلموه، فإن الدين والدنيا لا تقوم إلا به، وأما القسم الأول وحده فلا يقوم به إلا دين ضعيف.

- وأما الثالث (الصواب الثاني) فتقوم به الدنيا الفاجرة والدين المبتدع، وأما الدين المشروع والدنيا السالمة فلا تقوم إلا بالثالث … ، مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم، ورشوة الولاة لدفع الظلم، أو تخليص الحق وإعطاء من يتقى شر لسانه، أو يده، انتهى باختصار.

والبيع مما يتعين الاهتمام به ومعرفة أحكامه لعموم الحاجة إليه، إذ لا يخلو مكلف من بيع أو شراء، فيجب على المسلم أن يعلم حكم الله قبل التلبس بالفعل، ولا يصح أن يكون همه الحصول على السجل التجاري مع ظنه أَنَّ ذلك كاف في تأهله لأن يغدو تاجرا، ولا عبرة بقول من قال يكفي المرء ربع العبادات، بل مرد هذا إلى قول النبي : «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، رواه الطبراني عن ابن مسعود، وابن عدي عن أنس، وهو في صحيح الجامع للألباني، والعلم الواجب إما أن يشترك الناس في وجوبه كالصلاة والصوم، أو يُطَالَبُ به من أراد فعل ما يتوقف عليه، والتاجر أولى من غيره بتعلم أحكام البيع، وقد قال عمر بن الخطاب : «لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقه في الدين»، رواه الترمذي (٤٨٧) في كتاب الوتر من جامعه، وقال حسن غريب، ولعله لا يريد عموم التفقه، بل خصوص التفقه في أحكام التجارة، بعد معرفة ما يشترك المسلمون في وجوب معرفته من أمور دينهم، وتولي المسلم شراء ما يحتاجه بنفسه خير له لجملة من الأمور، منها أن ذلك أبعد له عن البيوع المخالفة للحق، ولكي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولاسيما في التجارة، ولأن فيه من التواضع ما لا يخفى، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>