٤٥ - «ويستحب لمن انصرف من مكة من حج أو عمرة أن يقول: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده»
هذا الدعاء جاء في حديث عبد الله بن عمر ﵄ عند البخاري (١٧٩٧) ومسلم؛ أن رسول الله ﷺ كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة؛ يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الحزاب وحده»، والذي بدأ به المؤلف من الدعاء؛ جاء فيما قاله النبي ﷺ في رجوعه من خيبر، ويظهر أن هذا الذكر شرع في الرجوع من تلك العبادات على أنه ختام لها كالأذكار التي تقال في أدبار الصلوات، وجاء أنه كرره في أثناء رجوعه، وقيل يشرع في كل سفر طاعة، وقفل معناه رجع، والشرف بمفتوحتين ما علا من الأرض، وآيبون جمع آيب هو الراجع، والمقصود رجوع خاص تلبس صاحبه بطاعة الله في سفره، ونال الفلاح المراد منه، أو المعنى تذكير النفس بالرجوع إلى الله بالموت، وعلى الرغم من أنه ﷺ كان في سفر هو عبادة؛ أعلن توبته من التقصير تواضعا وتعليما بقوله تائبون، كما كان يفعل إذا قضى صلاته، فيستغفر، وإذا خرج من بيت الخلاء يستغفر، هذا دأبه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وإنما ذكر عبد الله بن عمر الغزو والحج والعمرة؛ لأن النبي ﷺ ما عرف عنه السفر إلا لأجلها كما تقدم، وهو أيضا حافظ قوله ﷺ:«الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر؛ وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم»، رواه ابن ماجة (٢٨٩٣) وغيره عن ابن عمر، وقال في الزوائد حسن، كما حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١٦٢٦).