للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق بينهما - وقد ذكره أبو داود (١٢٣٩) أن ما رجع إليه فيه تسليم الإمام قبل أن تنهي الطائفة الثانية صلاتها فلا ينتظرها، وهذا هو الأصل في الصلاة، فإن المسبوق يتم صلاته بعد سلام إمامه، وإنما يرتكب في صلاة الخوف ما تدعو إليه الحاجة، أما الحديث الأول ففيه انتظار الإمام الطائفة الثانية جالسا حتى تتم صلاتها فيسلم بها، فتكون الأولى قد أدركت التحريم، والأخيرة قد أدركت التسليم، وتسليم الإمام قبل انتهاء الطائفتين معا ثابت من حديث ابن عمر المتفق عليه، لكن صفة الصلاة في حديث ابن عمر فيها شيء من الاختلاف عن هذه، وقد رواه مالك في الموطإ (٤٤٢)، وأخذ به أشهب، ورجحه ابن عبد البر على غيره لقوة إسناده، ولأنه جاء على الأصل من تسليم الإمام قبل تسليم المأموم.

أما لفظ حديث سهل بن أبي حثمة من قوله فهو: «صلاة الخوف أن يقوم الإمام ومعه طائفة من أصحابه وطائفة مواجهة للعدو، فيركع الإمام ركعة، ويسجد بالذين معه، ثم يقوم، فإذا استوى قائما ثبت، وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية، ثم يسلمون، وينصرفون والإمام قائم فيكونون وجاه العدو، ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم الركعة ويسجد، ثم يسلم، فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية، ثم يسلمون»، رواه أبو داود (١٢٣٩)، وهو في البخاري، دون ذكر التسليم في الموضعين.

وقول المؤلف: ثم يثبت قائما، يعني لانتظار مجيء الطائفة الثانية، وقد قيل هو مخير بين القراءة والدعاء والذكر، والذي يظهر أنه لا يسكت، فإن الصلاة لا سكوت فيها إلا لمن يستمع إلى الإمام في الجهرية، فإن المصلي كما تقدم يناجي ربه، وانتظار الإمام الطائفة الثانية قائما هي إحدى روايتين عن الإمام ذكرهما القاضي عبد الوهاب في كتابه «التلقين»، والرواية الثانية يشير إليهم لإتمام ما بقي عليهم من الصلاة وينتظر الطائفة الثانية جالسا.

<<  <  ج: ص:  >  >>