٣٦ - «ويباع الفرس الحبس يَكْلَبُ ويجعل ثمنه في مثله أو يعان به فيه».
هذا مثال لما حبس من العروض، ثم تعذر استيفاء المنفعة منه كالحيوان يمرض، والثوب يخلق، وقوله يَكْلَبُ من باب فرح إذا أصيب بالكَلَب بمفتوحتين، يريد أن الفرس المحبس إذا أصيب بالكلب ومثله الهرم والمرض فإنه يجب بيعه ويجعل ثمنه في فرس آخر يُشْتَرَى ويُحْبَسُ بدله، فإن لم يف ثمن المبيع بثمن المشترى زيد عليه من الصدقات ما يفي بذلك، فإن لم يمكن وضع الثمن في شقص نوع المبيع إن أمكن، فإن لم يمكن تصدق بثمنه في مصرف الجهاد في سبيل الله لأن الفرس إنما يُرتَبَط في الأصل لذلك عندما كانت الخيل وسيلة عظيمة من وسائل الجهاد، قال الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ (٦٠)﴾ [الأنفال: ٦٠]، وإن كان ثوبا تصدق بثمه على من لا ثياب لهم، وهكذا، ومن ذلك حُصُرُ المسجد وسائر أثاثه ومحتوياته فإنه متى كانت زائدة عن حاجة المسجد كان نقلها لمسجد آخر هو المرغوب، ومثلها المصاحف تكثر في المسجد وتزيد على الحاجة ومساجد أخرى في حاجة إليها، فإن بيع شيء من أثاث المسجد فليصرف في مثله ليجلب نظيره، لكن ذلك الآن ينبغي أن يتم بعد استشارة الهيئة المشرفة، وكتابة محضر بذلك، والله أعلم.
لكن الذي يباع عند عدم الانتفاع به إنما هو غير العقار، ولهذا قال خليل:«وبيع ما لا ينتفع به من غير عقار في مثله أو شقصه، كأن أتلف، وفضلُ الذكور وما كبر من الإناث في إناث لا عقارٌ وإن خرب، ونقض ولو بغير خرب، إلا لتوسيع كمسجد ولو جبرا»، انتهى، فانظر كيف كان أهل العلم يجتهدون في تكثير الوقف وتنميته، فمتى كان من ذكور الحيوان الموقوف ما فضل عن النزو والطرق بيع واشتري بثمنه إناث، وهكذا تباع إناث الحيوان التي كبرت وانقطع لبنها، ويشترى بثمنها غيرها من الإناث ذوات الدر، وقد ألحقوا بمسجد الجماعة - وقيل الجمعة - توسعة الطريق والمقبرة، قالوا لأن نفع هذه أقوى من