للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٨٨ - «وتجوز الشركة بالأموال على أن يكون الربح بينهما بقدر ما أخرج كل واحد منهما، والعمل عليهما بقدر ما شرطا من الربح لكل واحد، ولا يجوز أن يختلف رأس المال ويستويا في الربح».

يريد بالأموال النقد، والجمهور على جواز الشركة في كل المثليات، وقد منع مالك الشركة في الطعام، وعللوا المنع بأنه بيع للطعام قبل قبضه، والتعليل الذي ذكروه بعيد، لا يتم إلا بتعسف وتعمل، والمشهور جوازه بالطعام المتفق قدرا وصفة، وهو قول ابن القاسم، وقد دل على ذلك حديث البخاري (٢٥٠١) الذي فيه أن زهرة بن معبد كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق فيشتري الطعام فيلقاه ابن عمر وابن الزبير ، فيقولان له أشركنا، فإن النبي قد دعا لك بالبركة، فيشركهم، فربما أصاب الراحلة كما هي فيبعث بها إلى المنزل، ومما استدل به لمشروعية الشركة بالأموال حديث أبي هريرة قال، قال رسول الله إن الله يقول: «أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما»، رواه أبو داود (٣٣٨٣) والبيهقي، لكن فيه مجهول، ومعنى أنه سبحانه ثالثهما أنه يسددهما ويوفقهما فهي معية خاصة، وقوله سبحانه خرجت من بينهما؛ أي وكلتهما لأنفسهما، وحسب المرء شرا أن يكله الله إلى نفسه، ولذلك كان مما يدعى به: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، وأصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين»، وهذا الحديث القدسي لو صح كان شاملا لأنواع الشركات من أموال وأبدان وغيرهما إلا ما دل الدليل على منعه، بل فيه الترغيب في التعاون على ذلك لما فيه من النفع وتنمية المال بشرط الصدق والأمانة، بل لا يحتاج الأمر إلى دليل لأن الأصل الجواز، بل الذي يحتاج إليه هو الدليل المانع، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>