والفقه الفهم، يقال فقه بالكسر يفقَه بالفتح إذا فهم، وفقه بالضم إذا صار الفقه له سجية.
وفي الاصطلاح معرفة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، فهو أخص من العلم.
وأصول الفقه يراد به عند أهله القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، والمؤلف لا يريد به هذا المعنى، فإنه لم يتعرض له، بل أراد إما أمهات المسائل التي ذكرها، وهي غالب ما في كتابه، وهي أصول بالنسبة إلى ما يتفرع عنها، وعلى هذا تكون الفنون التي هي جمع فن مرادا بها الفروع، وقيل أراد بأصول الفقه الأدلة من الكتاب والسنة، وبالفنون ما يؤخذ منها، وكل ذلك محتمل، والأول أولى.
وقوله:«على مذهب الإمام مالك بن أنس -رحمه الله تعالى- وطريقته»، يعني أن هذا الذي طلب منه بيانه من واجب أمور الديانة إلى آخر المطلوبات؛ مقيد بكونه على مذهب مالك وطريقته، ولم يفرق المؤلف كما ترى فيما نسبه لمالك بين ما تعتقده القلوب، وتنطق به الألسنة، وتعمل به الجوارح، والمقصود أن مالكا ﵁ كان على عقيدة السلف كما سيأتي إن شاء الله.
والمذهب مصدر ميمي يطلق على الزمان والمكان والحدث، ويتعين واحد منها بالقرينة، والمراد هنا ما ذهب إليه مالك من الأحكام الشرعية سواء اعتمدت وأخذ بها أم لا، وإن كان المصنف قد يختار قولا من قولين أو أقوال غالبا، ويخصه بعضهم بما يذهب إليه العالم من المسائل الاجتهادية، والحق أن الاجتهاد كما يكون في غيبة النص أو غيره من الأدلة يكون في فهمها، وما أكثر ما يعتمد أهل العلم على الدليل الواحد ثم يختلفون في فهمه بانفراده أو بمعية غيره.
أما الطريقة فالمراد بها القول بالشيء بناء على الأصول والقواعد التي بنى عليها مالك مذهبه، فيقاس المجهول حكمه من الأشياء على المعلوم منها، كسد الذرائع، وعمل أهل المدينة، والأخذ بالمرسل من الأخبار، وقاعدة الثلث، وعدم التحديد، ومراعاة المقاصد والنيات والعرف، ونحو ذلك مما هو منسوب لمالك القول به، وغالبه غير