للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣٢ - «ولا يجوز سلف يجر منفعة».

السلف كالسلم وزنا ومعنى، والسلم من أنواع البيع وسيأتي ذكره، ويطلق السلف على القرض، وهو المراد هنا، وحديث: «كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا»، رواه البيهقي في المعرفة عن فضالة بن عبيد موقوفا وجاء عن عدد من الصحابة كذلك، منهم ابن عباس أخرجه البيهقي عن سالم بن أبي الجعد قال: «كان لنا جار سماك، عليه لرجل خمسون درهما فكان يهدي إليه السمك، فأتى ابن عباس فسألاه عن ذلك فقال: «قاصه بما أهدى إليك، وقد صصح إسناده في الإرواء (ح/ ١٣٩٧).

والقرض من أعمال البر والتبرعات التي يبتغى بها وجه الله تعالى، وحاجة كثير من الناس إليه شديدة، فلا يجوز أن يكون سببا في تحقيق منفعة مشترطة كيفما كانت للمقرض، أو لأجنبي من جهته، بل يتعين أن تتمحض المنفعة للمقترض، ومثله في منع تحصيل المنفعة من ورائه الشفاعة والضمان، قال ابن عاشر عن هذه الثلاثة:

القرض والضمان رفق الجاه … يُمنع أن ترى لغير الله

وقد روى أحمد وأبو داود عن أبي أمامة أن رسول الله قال: «من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابًا من أبواب الربا».

ومن صور الانتفاع بالقرض أن يسلف رديئا على أن يأخذ جيدا، وأحرى أن يأخذ أكثر منه، ومنها أن يسلف شيئا ليحفظ له حيث لا يكون عنده موضع لحفظه، أو يسلفه في موضع ليأخذه في موضع آخر للمشقة في نقله، إلا أن يكون دافعه إلى ذلك خوف الطريق فيسلفه، ويأخذ بيانا لوكيل المقرض ليعطيه مثله، ويدعى ذلك السفتجة، وهي لفظة عجمية معناها عندهم الكتاب الذي يرسله المقترض لوكيله ببلد ما ليدفع للمقرض نظير ما أخذه منه ببلده»، قال ابن تيمية في مجموع الفتوى (٢٩/ ٥٣٠) بعد أن ذكر الخلاف في مسألة

<<  <  ج: ص:  >  >>