وإنما جمع المؤلف البيع بالنظر إلى أنواعه، وذلك باعتبارات مختلفة:
أولها اعتبار تسلم العوضين وعدم تسلمهما، فإن تسلما فهو بيع النقد، وهذا هو الأصل في البيع لعدم شغل الذمة، فإن الشرع متشوف إلى ذلك، ولهذا اشترطه في بيع الذهب والفضة وسائر الربويات لما لها من الخصوصية في حياة الناس.
أما تأجيل أحد العوضين فجائز، وتحته قسمان: تأجيل الثمن، وهو البيع إلى أجل، وتأجيل المثمون، وهو بيع السلم، لكن هذا إنما يتضح فيما إذا كان أحد عوضيه نقدا، وإلا فكيف يعرف الثمن من المثمون؟.
وإنما يجوز تأجيل أحد العوضين إذا لم يكونا ربويين، أما تأجيلهما معا فلا يجوز كيفما كانا، لأنه بيع الدين بالدين، وهو الكالئ بالكالئ، إلا ما قاله أهل المذهب من جواز تأخير رأس المال في السلم بعض الوقت، وسيأتي بيان ما فيه، فهذا هو تقسيم البيع باعتبار الأجل.
أما بالنظر إلى حقيقة العوضين فهو أنواع ثلاثة:
١ - بيع مقايضة، وهو بيع السلعة بالسلعة غير النقد، أعني أن لا يكون العوضان ولا أحدهما نقدا، ومثاله أن يبيع كتابا بكرسي.
٢ - بيع عرض بعين، وهو الغالب على البيوع اليوم، فحري أن يسمى البيع المطلق لأنه هو الذي لا يشترط فيه شروط خاصة، ومثاله أن يبيع كتابا بثلاثة آلاف دينار.
٣ - بيع عين بعين، أعني نقدا بنقد وهو ثلاثة أقسام في المذهب:
ا - الصرف، وهو بيع الذهب بالفضة، وهو اليوم من النادر، ومثاله اليوم وهو الكثير الغالب في بيع النقد، بيع عملة بعملة أخرى، كبيع دولار أمريكي يثمانمائة دينار جزائري، اما الصرف العرفي فأمر آخر.
ب - المراطلة، وهي بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة وزنا، ولا يوجد للمراطلة نظير في بيع العملات بعضها ببعض، لأن بيع العملات يكون بالعدد، لا بالوزن.
ج - المبادلة، وهي بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة عددا، وهي في المذهب جائزة بشروط سيأتي الكلام عليها إن شاء الله، فهذه هي أقسام البيع بالنظر إلى حقيقة