هذا يدل على أن المؤلف يرى سعة دائرة اليمين كما مر في التعريف، فيدخل فيها الحلف بالطلاق، كأن يقول: علي الطلاق إن كلمت فلانا، أو الطلاق يلزمني إن لم أكلمه، وإنما يريد بهذا منع نفسه من تكليمه، أو إلزامها بتكليمه وحضها عليه، فهذا يمين، وقد تعرفت على صلته باليمين على أحد التفسيرين المتقدمين لها في اللغة، لكنه يمين منهي عنه، ويؤدب الحاكم المقدمَ عليه إذا كان بالغا عالما معتادا لذلك، بخلاف من صدر عنه فلتة، قالوا ويكون ذلك جرحة في شهادته، وفي النوادر (٤/ ٧): «قيل لمالك إن هشام بن عبد الملك كتب: أن يجلد من حلف بذلك عشرة أسواط، قال مالك: «قد أحسن هشام إذ أمر بالضرب فيه»، قال ابن القاسم قال مالك:«يضرب الناس على ذلك إن نهوا عنه فلم ينتهوا»، وقد استدل بعض الشراح على مطلوبية هذا التأديب بكلام لا يشك المبتدئ في أنه ليس كلام النبي ﷺ، بل إن أصول شريعته لا تقبله، وهو ما زُعم أنه ﷺ كتب إلى ورثة الأنبياء وإلى الناس وإلى أشباه الناس (؟): «لا تحلفوا بطلاق ولا بعتاق، فإنهما من أيمان الفساق»، وقد ذكره كل من زروق والفاكهاني جازمين بنسبته، وسلفهم فيه ابن حبيب في واضحته، وقد أثبت المكتوب منه ابن أبي زيد في نوادره (٤/ ٧)، وانظر المقاصد الحسنة للسخاوي (ح/ ٦٥٦).
أما أنه يلزم به الطلاق على المذهب؛ فقد استدل بعضهم له بقول النبي ﷺ:«ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة»، رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي (١١٨٤) وحسنه عن أبي هريرة، وهو في الموطإ نحوه عن سعيد بن المسيب مرسلا، وفيه العتق بدل الرجعة، وهي بكسر الراء وفتحها؛ عود المطلق إلى من طلقها، وفيه حرص الشارع على الاحتياط للفروج، وسد باب العبث بالعقود فيها، كما استدل له بقول النبي