للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمزيد البيان، ولا يستثنى مما يسلف فيه عندهم غير الأرض والدور، ووجه استثنائهما أن السلم يكون في غير معين، فلو عينت الأرض والدور خرجت عن أن تكون سلما، لأن السلم في الذمة لا في شيء بعينه، وإن لم تعين فات كثير مما يقصده الناس منهما وهي الأماكن، فيكون سلما في مجهول، فيناقض ما اشترط في الحديث المتقدم من المعلومية.

قلت: يمكن أن يعين الموضع الذي تبنى فيه الدار كأن يقال هو في المنطقة الفلانية، وأن تعرف المساحة العامة، وعدد الحجرات وكون المسكن في الطابق الأرضي أو غيره، وما يبنى به، فيكون ذلك وصفا يصح معه السلم، وهذا معمول به عندنا، لكن المخالفة تأتي من كون رأس المال لا يقدم في هذه المعاملة، بل يدفع على التدريج، وكونه أيضا محتملا للزيادة فيه بنسبة مائوية تحددها الدولة، وهي العملية التي تدعى بإعادة التقويم، وإعادة التقويم تفوت الغرض من السلم كما لا يخفى، ويكون معها الثمن مجهولا وهو المسلَم، وقد نقل عن أشهب ما قد يؤخذ منه جواز السلم في الأرض، ذكره ابن ناجي في شرحه (٢/ ١٣٥)، وإذا لم يثبت الإجماع الذي نقله ابن رشد في بداية المجتهد (٢/ ٢٠١) حيث قال: «واتفقوا على امتناعه فيما لا يثبت في الذمة وهي الدور والعقار»، انتهى، إذا لم يثبت فإن الأمر فيه نظر لقلة الغرر كما تبين لك.

ولم ير بعض أهل العلم السلم في الحيوان للتفاوت الكبير بين أفراده، قال الشوكاني في السيل الجرار (٣/ ١٥٧): «إن قوله في الحديث «في كيل معلوم ووزن معلوم» يدل على أنه لا يصح السلم فيما يعظم تفاوته لعدم ضبطه بضابط يصح به وصفه، ومن ادعى أنه يمكن ضبطه بضابط فقد أبعد، فإن الحيوان والجواهر واللآلئ والفصوص مختلفة غاية الاختلاف،،،»، انتهى المراد منه.

قلت: قد حدثت مقاييس في هذا العصر تجعل الضبط في بعض ما ذكره ميسرا كما لا يخفى، أما الحيوان فقد جاء في شأنه ما يدل على جوز السلف فيه وهو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن النبي أمره أن يجهز جيشا، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة»، رواه أبو داود، وعن نافع عن ابن عمر أنه اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه بالربذة»،

<<  <  ج: ص:  >  >>