للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وهو بدعة ما ذكرها أحد قط من الصحابة» انتهى، نقله عنه القرطبي في تفسيره، وإنما جعلوا الحد ربع دينار أو ثلاثة دراهم لأن ما دونهما تافه، فلا حاجة إلى القيام، ولا إلى الحلف عند المنبر لأن التغليظ يناسب ما كان الحلف من أجله.

وقد شرح الغماري عبارة المصنف على أنها هكذا «وعند قبر الرسول »، بدل وعند منبر النبي وهو إما تصحيف من بعض الجاهلين، وقد يكون تحريفا من القبوريين، ومن العجب أن يذكر أبو الحسن، وابن غنيم النفراوي في شرحيهما أن من جملة التغليظ أن يحلف عند مقام ولي، أو يحلف بالطلاق.

قلت: نقل ابن المنذر الإجماع على أنه لا ينبغي للحاكم أن يستحلف بالطلاق والعتاق والمصحف»، وفي دعوى الإجماع على المصحف شيء، وأشار النفراوي إلى أن التحليف عند مقام الولي من جملة الأقضية التي تجد للناس بسبب ما أحدثوا من الفجور، مع أنه نص على أن الأقضية التي تحدث لا ينبغي أن تتضمن محرما، قال كاتبه: بل التحليف عند مقام الولي من أعظم الفجور، ويظهر أن الذي دعاهم إلى هذا هو كون بعض المسلمين يعظمون المقبورين ويخشون أن يرتكبوا قرب قبورهم المخالفات كما هو الواقع فكان هذا مدعاة لاعتبار الحلف عند قبورهم من التغليظ، وهذا ما لا يجوز قوله ولا العمل به، فإن فيه فتحا لباب الإشراك بالله تعالى، ومن الغريب أن يعامل المسلم الناكب عن الحق بما هو عليه من الباطل، فإن تحليفه عند القبر تقرير له على معتقده الذي قد يكون شركا، فكيف يعامل المسلم كما يعامل الكفار حيث يحلفون في الأمكنة التي يعظمونها كما سيأتي، والله المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>