٠٥ - «وإنما تجب القسامة بقول الميت: دمي عند فلان، أو بشاهد على القتل، أو بشاهدين على الجَرْح، ثم يعيش بعد ذلك ويأكل ويشرب».
هذا هو الذي يسمونه لوثا، وهو في اللغة القوة، لأنه من لي الشيء على الشيء، واللي يكتسب به الشيء قوة، يقال لاث العمامة على رأسه يلوثها لوثا، عَصَبَهَا»، كذا في الصحاح، والمراد هنا أمر ينشأ عنه غلبة الظن بصدق مدعي الدم على غيره، وهو ثلاثة أشياء:
الأول: قول المقتول دمي عند فلان أي قتلني فلان، ويثبت ذلك بشاهدين، تأخر الموت عن قوله هذا أو لا، واشترط بعضهم مع قوله وجود الجُرح ونحوه، وهو المشهور المعمول به، وهو قول ابن القاسم، وقيل هو لوث مطلقا على ظاهر المدونة.
قال أبو الحسن:«لم يختلف في هذا قول مالك وجميع أصحابه أنه لوث في العمد يوجب القسامة والقَوَد»، انتهى.
وقال الشيخ علي الصعيدي العدوي معلقا على كلامه:«وأما الخطأ ففيه خلاف، والمشهور أيضا أن الولاة يقسمون ويستحقون الدية طردا للقاعدة، وقيل لا قسامة في ذلك، لأنها دعوى في مال، وهو مروي عن مالك»، انتهى.
والثاني من أنواع اللوث شهادة واحد على معاينة القتل خطأ كان أو عمدا، لكن بعد ثبوت موت المجني عليه، وروي عن مالك عدم اشتراط العدالة، والمشهور أن غير العدل لا يكون لوثا لسقوط شهادته شرعا، فلا يختلف الأمر عن الأصل، بدعوى أنها مجرد تقوية، ويستوي في إثبات اللوث شهادة الرجال والنساء فيقوم مقام الرجل امرأتان لأنه لوث وهو لا يقضى به وحده.