للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٢ - «ويكون ذلك بماء طاهر، غير مشوب بنجاسة، ولا بماء قد تغير لونه لشيء خالطه من شيء نجس أو طاهر».

الماء الذي تحصل به الطهارة هو الماء المطلق، أي الذي يصدق عليه هذا الاسم بلا قيد، قال الله تعالى: «فلم تجدوا ماء»، فعلق الانتقال إلى التيمم على عدم وجود الماء، فدل على أنه لا يصح التطهر بغيره، وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨].

والمشوب المخلوط، ومتى حكم على الشيء بأنه نجس، وخالط الماء، فتغير أحد أوصافه التي هي اللون والطعم والريح؛ فإنه لا يصلح للطهارة، لكن الحكم على الشيء بأنه نجس يتوقف على الدليل، كالحكم عليه بأنه حرام لا فرق بينهما، فالعناية بمعرفة الأعيان الطاهرة والنجسة مطلوبة، والمؤلف لم يتعرض لذلك، وينبغي أن يعلم أنه يلزم من الحكم بنجاسة الشيء الحكم بتحريمه، لأن الله تعالى قال في صفات نبينا محمد : ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧]، والنجس من الخبائث، ولا يلزم من الحكم بحرمة الشيء الحكم بنجاسته، فإن الخلاف قائم بين العلماء في نجاسة أشياء هم متفقون على حرمتها كالدم والخمر مع أن تحريمهما بالإجماع، وهم لم يختلفوا في حرمة شيء اتفقوا على نجاسته كالعذرة وبول الآدمي.

وكأن المؤلف في قوله عن الماء «غير مشوب بنجاسة»؛ أشار إلى قول في المذهب، وهو أن قليل الماء ينجسه قليل النجاسة دون شرط تغير واحد من الأوصاف الثلاثة، متى عرف أنه قد شيب بالنجاسة، وعليه فالماء هنا مقيد بكونه آنية وضوء، وسيأتي للؤلف التصريح بذلك، فكان الاستغناء عنه هنا أولى، واعتبره بعضهم تكرارا مع قوله الآتي: «وقليل الماء ينجسه قليل النجاسة».

وأما أن الماء المتغير لونه بنجس أو طاهر؛ غير صالح للطهارة، فلأنه بذلك خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>