للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس لمن ينظره، أو دخول الظلمة، وغلبة الظن بالغروب لمن لم ينظر قرص الشمس، كمحبوس بحفرة تحت الأرض، ولا مخبر له».

أما المبادرة إلى الإفطار لمجرد اعتقاد المرء أن حساب الفلكيين متأخر قليلا عن غروب الشمس بالفعل كما عليه بعضهم، وهم لا يرون غروب الشمس لكونها محجوبة عنهم بالبنيان؛ فليس بحق.

قال ابن العربي في العارضة (٣/ ٢٢٢) بعد أن بين مراد الشارع من الترغيب في التعجيل بالإفطار وما يحترز منه في التعجيل به: «ولا ينبغي أن يحملكم ذلك على الإسراف فيه، حتى تقعوا في الفطر قبل محله وفي غير محله، لما روى أبو أمامة عن النبي قال: «بينما أنا قائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضَبْعَيَّ (١)، وساق الحديث، وفيه: «ثم انطلقا بي، فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل دما، قلت: من هؤلاء؟، قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل محل صومهم، قال: خابت اليهود والنصارى»!!، انتهى (٢).

وقد جاء في تعجيل الفطر ما رواه مالك (٦٣٩) وأحمد والشيخان والترمذي (٦٩٩) عن سهل بن سعد قال، قال رسول الله : «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، وفي رواية لأحمد زيادة: «وأخروا السحور».

قال الشيخ الطاهر بن عاشور في كتابه كشف المغطى: «وإنما لم يزد عليه «وأخروا السحور»، لأنه قد علم أن كثيرا من أصحابه كان يحب التملي من الصوم، والاستكثار من الخير والقربة، حتى رام كثير منهم أن يصل صوم اليوم بصوم اليوم الموالي له،،،» انتهى، قال كاتبه: نبينا لا يشرع لزمانه فحسب، حتى يقتصر في بيان الحكمة على ما كان عليه الأمر يومئذ، وكلمة الناس في حديثه من ألفاظ العموم، ثم إن الشيخ قال عن الروايات والأحاديث الواردة في هذا الباب: «لم يتضح المراد بالخير في كلام رسول الله لشراح هذا الحديث، ولم يظهر وجه التسبب بين تعجيل الفطر ودوام الخير للأمة، فجعل بعض


(١) الضّبع: هو ما تحت الإبط
(٢) والحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه (١٩٨٦)، وابن حبان في صحيحه (٧٤٩١)، وغيرهما، وإسناده صحيح، كما قال شعيب الأرناؤوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>