يقال قصر الصلاة كنصر، وقصَّرها بالتشديد وأقصرها، والأول أكثر، ومن الثالث قول الشاعر:
تهيم إلى نعم فلا الشمل جامع … ولا الحبل موصول ولا القلب مقصر
وحكم القصر في السفر ذي مسافة الأربعة برد غير العاصي صاحبه به أنه سنة مؤكدة، فلا يحرم الإتمام، وقال بوجوبه القاضي إسماعيل وابن سحنون كما في تبصرة اللخمي الذي اختار التخيير.
وقد اعتبروه أوكد من صلاة الجماعة، وظاهر قول مالك خلافه كما في التبصرة، كما كرهوا أن يأتم مقيم بمسافر أو مسافر بمقيم، فإن حصل الأول؛ فكل على سنته، وإن حصل الثاني أكمل المؤتم الصلاة، وكانت الكراهة أشد لمخالفة المسافر سنته.
والظاهر عدم الكراهة إذ لا دليل عليها إلا الرأي، فكيف إذا جاء ما يدل على خلافها وهو ما رواه أحمد عن موسى بن سلمة قال: كنا مع ابن عباس بمكة، فقلت:«إذا كنا معكم صلينا أربعا، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين، قال: «تلك سنة أبي القاسم ﷺ»، وهو في صحيح مسلم مختصرا.
أما الاحتجاج لسنية القصر بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)﴾ [النساء: ١٠١]، فلم يسلم من مطعن، ولم يتم النبي ﷺ الصلاة الرباعية في السفر، وقد أمرنا أن نصلي كما كان يصلي، وجاء عن أم المؤمنين عائشة أن الصلاة فرضت ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر»، رواه الشيخان وأبو داود.
وأذكر أني صليت في أحد مساجد بلدة عين الحجر العشاء فقصرت، وأشرت بعد