والمشهور في المذهب استحباب القراءة فيهما بالفاتحة فقط، قال ابن القاسم عن مالك: «أما أنا فلا أزيد فيهما على أم القرآن في كل ركعة، لحديث عائشة، رواه عنه ابن القاسم، وابن وهب، وهو في (الاستذكار ٢/ ١٢٧)، كما رواه عنه علي بن زياد، وقد أخذ ذلك مما رواه في الموطإ (٢٨٢) ومسلم (٧٢٤) وسنن أبي داود (١٢٥٥) والنسائي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت:«إن كان رسول الله ﷺ ليخفف ركعتي الفجر، حتى إني لأقول: أقرأ فيهما بأم القرآن أم لا»؟، وقولها «إن كان»؛ «إن» هذه؛ هي المخففة من الثقيلة، واللام في قولها «ليخفف»؛ هي اللام الفارقة بينها وبين النافية، ولم تذكر في رواية مسلم للاستغناء عنها بالقرائن، ويؤخذ من الحديث أمران: الأول أنه كان يسر بالقراءة في هاتين الركعتين، إذ لو جهر لعلمت ما قرأ، لكن سيأتي أن ابن عباس وأبا هريرة سمعا قراءته، وأن ابن عمر رمقه شهرا وقد ذكر السورتين اللتين كان يقرأ بهما، فيقال إن الغالب كان الإسرار، والثاني أنه كان يخففهما بما في ذلك القراءة، ولو كان هذا وحده في الباب لكان محتملا لما قيل من ترك قراءة السورة، مع أنه يحتمل التخفيف فيها مع قراءتها، لأن ذلك هو الأصل، فإن النبي ﷺ كان ربما رتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها، كما رواه الترمذي، فالمراد من كلام عائشة التخفيف كما هو صريح ما رواه مالك (٢٨٠) ورواه مسلم (٧٢٣) من طريق يحي بن يحي قال قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر عن حفصة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله ﷺ كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح وبدا الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة»، وورد في تخفيفهما أيضا ما رواه الترمذي (٤٦١) عن أنس بن سيرين قال سألت ابن عمر فقلت: أطيل في ركعتي الفجر؟، فقال: كان النبي ﷺ يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة، وكان يصلي الركعتين والأذان في أذنه»، يعني يخفف، ومع هذا الاحتمال فقد عارض الحديث المذكور ما هو نص، فيقدم عليه ولو كان ظاهرا في الترك، كيف وقد أخرج مسلم (٧٢٦) والنسائي عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد»، وروى الترمذي (٤١٧) وحسنه عن ابن عمر أنه رمق النبي ﷺ شهرا فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر بهما»، وذكر في النوادر أنه في موطإ ابن وهب عن ابن عمر.