٩ - «وإذا سها الإمام وسجد لسهوه؛ فليتبعه من لم يسه معه ممن خلفه، ولا يرفع أحد رأسه قبل الإمام، ولا يفعل إلا بعد فعله، ويفتتح بعده، ويقوم من اثنتين بعد قيامه، ويسلم بعد سلامه، وما سوى ذلك فواسع أن يفعله معه، وبعده أحسن».
متابعة المأموم للإمام وعدم الاختلاف عليه، أمر تقتضيه الإمامة ذاتها، إذ كيف يكون إماما ثم يخالف؟، فإن المخالفة افتيات على حقه، وانخرام للنظام، لكن المخالفة منها ما هو ظاهر، ومنها ما هو باطن، والظاهر يكون في هيئة، أو غيرها، والباطن يكون في نية وغيرها، وأصل المتابعة للإمام قول النبي ﷺ:«إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون»، رواه مالك في الموطإ (٣٠١) والشيخان عن أنس، وهو كما ترى اشتمل على بيان الغاية من الإمامة وهي المتابعة، ثم ذكر أمثلة من الأقوال والأفعال وهي كلها ظاهرة، فعقلنا أن المتابعة في الأذكار والنيات غير مشمولة للحديث، لأنها ليست من المخالفة التي تؤثر خللا في الاقتداء، ولو قلنا بذلك لتعذر، لعدم العلم بما عليه الإمام، وفي صحيح مسلم من حديث انس مرفوعا: لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام.
ومن فروع المسألة؛ ما ذكره المؤلف من سجود المأموم مع الإمام ولو لم يسه معه، وهذا حق، لأن هذا هو الذي يقتضيه الأمر بالمتابعة، لكن في المذهب تفصيلا، فإنه إذا لم يحصل معه ركعة لا يسجد معه، لأن المأمومية لم تثبت له، قالوا ولأنه إن سجد القبلي زاد في الصلاة من غير موجب، وعليه فيبقى جالسا إلى أن يسلم الإمام فيقوم، وهذه كما ترى مخالفة للأصل فتفتقر إلى دليل، والله أعلم.