روى البغوي في شرح السنة عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت، قلت: يا رسول الله كل، جعلني الله فداك متكئا، فإنه أهون عليك، فأحنى رأسه حتى كاد أن تصيب جبهته الأرض، وقال:«بل آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد، فإنما أنا عبد»، وهو في الصحيحة برقم (٥٤٤)، وهذا التعليل يمنع اعتبار ترك الأكل متكئا من الخصائص كما ذهب إليه بعضهم، وسيأتي له نظير.
وروى البخاري عن أبي جحيفة قال، قال رسول الله ﷺ:«إني لا آكل وأنا متكئ»، وقال النبي ﷺ وقد جثا:«إن الله جعلني عبدا كريما، ولم يجعلني جبارا عنيدًا، رواه أبو داود، وسيذكر بتمامه بعد، وقال النبي ﷺ من جملة حديث: «ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه»، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن المقدام بن معديكرب.
قال في النهاية:«المتكئ في العربية كل من استوى على وطاء قاعدا متمكنا، والعامة لا تعرف المتكي إلا من مال في قعوده على أحد شقيه، والتاء فيه بدل من الواو وأصله من الوكاء وهو ما يشد به الكيس وغيره، كأنه أوكأ مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته، ومعنى الحديث أني إذا أكلت لم أقعد متمكنا فعل من يريد الاستكثار منه، ولكن آكل بلغة»، انتهى، وقال الخطابي ﵀ في المعالم مثله مختصرا، وقال الشيخ أبو الحسن في شرحه:«وصفة الاتكاء أن يميل على مرفقه الأيسر»، وقال علي العدوي:«وفي الاتكاء قولان آخران: التربع وهو للخطابي، ثانيهما أن يكون مستندا من غير ميل لشق، والاتكاء بالأوجه الثلاث يحرم عليه ﷺ، وكذا ينهى عن الجلوس على الركبتين كابا رأسه على الطعام»، انتهى.
قلت: هذه الصفة الأخيرة فعلها رسول الله ﷺ، وقال عنها ما ستقف عليه، وهي أن