١٢ - «ويستحب أن يدخل مكة من كداء الثنية، التي بأعلى مكة، وإذا خرج؛ خرج من كُدى، وإن لم يفعل في الوجهين؛ فلا حرج».
هذا من تمام الاقتداء بالنبي ﷺ، فمن تركه بسبب ما جد من الطرق والتنظيم لحركة الحجاج؛ فلا حرج عليه إن شاء الله، وهو وغيره كثير مما لا يتيسر فعله لمعظم الحجاج والمعتمرين، فقد كانوا يختارون الطريق التي يدخلون منه، ومواضع النزول، وزمان الدخول والخروج، واليوم لا يتأتى لهم ذلك غالبا، ولأن الحجاج والمعتمرين لو دخلوا كلهم أو خرجوا من طريق واحد، أو باب واحد، أو أقاموا بمكان واحد، أو دخلوا كلهم ليلا، أو نهارا؛ لحصل ضيق شديد، ولما استقام لهم أمر، وقد دخل النبي ﷺ مكة نهارا كما في الصحيحين وغيرهما (د/ ١٨٦٥) عن ابن عمر، وورد أنه دخلها ليلا في عمرته من الجعرانة، ولعل ذلك لعارض، وعللوا دخوله نهارا بأنه إمام الناس، فيكون ذلك أنسب ليروه، وفي الصحيحين عن عائشة أنه دخل مكة من أعلاها، وخرج من أسفلها (خ/ ١٥٧٧) و (د/ ١٨٦٩) وهو في الموطإ (٧١٢) من فعل ابن عمر، وأعلى مكة يسمى كَداء بفتح الكاف، وهو من جهة باب المعلى، وتقع في جهته المقبرة، وهو طريق الحجون بفتح الحاء، وكُدى بضم الكاف، تقع أسفل مكة، وهو طريق جرول، وأهل مكة يقولون رابطين بين ضبط الكلمتين - كداء وكدى - وبين الدخول من الآولى والخروج من الثانية:«افتح وادخل، وضم واخرج»، ولعل الموضع الذي يدخل منه إلى مكة ليس شأنه التوقيف، فلا يكون فيه ائتساء، بل ما يكون مناسبا لجهة قدومه، ودليله أنه ﷺ دخل عام الفتح من كداء من أعلى مكة، ودخل في العمرة من كدى، وهو في الصحيحين وسنن أبي داود (١٨٦٨)، ومما يحتمله هذا الأمر أنه ﷺ لما دخل من كداء يوم الفتح؛ استمر على ذلك، وسببه قول أبي سفيان بن حرب للعباس ﵄:«لا أسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء»، فقال له