١٣ - «ومن نذر معصية من قتل نفس، أو شرب خمر، أو شبهه، أو ما ليس بطاعة ولا معصية؛ فلا شيء عليه، وليستغفر الله».
تقدم الكلام على نذر المعصية، وأنه يحرم الوفاء به، ولا كفارة فيه عندهم، ومثله ما ليس بطاعة ولا معصية وهو المباح، فضلا عن المكروه، فهذا يحرم نذره على المشهور، ومن نذره؛ فلا شيء عليه إن لم يفعله، وقد فسر مالك قول النبي ﷺ:«ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه»؛ بقوله:«أن ينذر الرجل أن يمشي إلى الشام أو إلى مصر، أو إلى الربذة، أو ما أشبه ذلك، مما ليس لله بطاعة، إن كلم فلانا، أو ما أشبه ذلك، فليس في شيء من ذلك شيء، إن هو كلمه، أو حنث بما حلف عليه، لأنه ليس لله في هذه الأشياء طاعة، وإنما يوفى لله بما له فيه طاعة»، قال الباجي في المنتقى (٣/ ٢٤٢) مبينا قول مالك هذا: «فسر المعصية بمعان ليست بمعاص في أنفسها، وإنما هي مباحة لكن سماها معصية، لأن نذرها عنده معصية، أو لأن حكمها إذا علقت بالنذر حكم المعصية، لأنه لا يصح أن ينذر».
ومما يدل على أن نذر المباح لا يلزم، قول النبي ﷺ:«لا نذر إلا فيما يبتغى به وجه الله، ولا يمين في قطيعة رحم»، رواه أبو داود (٣٢٧٣) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والمباح لا يبتغى به وجه الله في الأصل، وقوله «ولا يمين في قطيعة رحم»؛ هو نذر معصية، وقال الباجي عن نذر الذهاب إلى المدينة:«والثاني أن يريد به مدينة النبي ﷺ، فهذا إن علق مشيه بالمدينة؛ لا يتعلق به النذر، إلا أن ينوي المسجد للصلاة»، فليعتبر بهذا القول الزاعمون اتباع مذهب مالك ممن يشدون الرحال، لا للطاعات ولا للمباحات، بل للمعاصي والمنكرات كالوعدات والزردات، فالله الله في دينكم، واجتنبوا المنكرات، واتركوا المنافحة عن المعاصي بالمهاترات.