المصافحة من تمام التحية، وهي مندوبة، ومعناها قبض اليد اليمنى باليمنى، وقال أبو الحسن: هي وضع أحد المتلاقيين بطن كفه على بطن كف الآخر إلى الفراغ من السلام أو الكلام.
قلت: قد دل الدليل على أنه قبض لا مجرد وضع كما سيأتي، وقد سمي الحلف يمينا لأنهم كانوا إذا حلف الرجل للرجل وضع يده في يده توثقا وتوكيدا، وفي شد يد كل واحد من المتصافحين يد الآخر قولان، ويكره اختطاف اليد بعد التلاقي قبل انتهاء السلام أو الكلام، وكان النبي ﷺ إذا لقي الرجل لا ينزع يده حتى يكون هو الذي ينزع يده، ولا يصرف وجهه حتى يكون هو الذي يصرف وجهه»، عزاه الحافظ في الفتح لابن المبارك في كتاب البر والصلة، لكن ذلك يختلف باختلاف الحال، وعدد المتصافحين، ولا يصافح الرجل المرأة، ولو كانت متجالة، وهذا لا يختلف فيه، وقالوا لا يصافح المسلم الكافر ولا المبتدع.
وقد روى مالك عن عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخراساني قال، قال رسول الله ﷺ:«نصافحوا يذهب الغل عنكم وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء»، وهو معضل، والغل بكسر الغين الحقد، وروى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن البراء بن عازب قال، قال رسول الله ﷺ:«ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا»، وروى الطبراني عن أبي أمامة ﵁ قال، قال رسول الله ﷺ:«إذا تصافح المسلمان لم تفرق أكفهما حتى يغفر لهما»، وفي صحيح البخاري وسنن الترمذي عن قتادة قلت لأنس:«أكانت المصافحة في أصحاب النبي ﷺ»؟، قال:«نعم»، وفيه عن عبد الله بن هشام قال:«كنا مع النبي ﷺ، وهو آخذ بيد عمر ابن الخطاب»، وقال عبد الله بن مسعود:«علمني النبي ﷺ وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن»، وهذا والله أعلم فيه