١٠٢ - «ونهي عن الخليطين من الأشربة وذلك أن يخلطا عند الانتباذ وعند الشرب».
أي نهى عن شربهما، وهذا النهي يقتضي عدم الخلط بينهما ولو من غير شرب، لأن فيه إضاعة للمال، وقيد الأشربة يخرج غيرها من المأكولات فإنه لا دليل على المنع من خلطها أو أكلها على تلك الصفة، فإن الأصل الحل، وقد جاء أن النبي ﷺ كان يأكل البطيخ بالرطب، ويقول: يكسر حر هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحر هذا»، وهو في سنن أبي داود والترمذي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-، وقد روى مسلم والنسائي وابن ماجة عن أبي قتادة قال، قال سول الله ﷺ:«لا تنتبذوا الزهو والرطب جميعا، ولا تنتبذوا الزبيب والتمر جميعا، وانتبذوا كل واحد منهما على حدته»، وهو في الموطإ نحوه، وعن عطاء بن يسار مرسلا، وفي حديث أبي سعيد عند أحمد ومسلم والترمذي أن النبي ﷺ نهى عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما، وعن التمر والبسر أن يخلط بينهما، يعني في الانتباذ»، البسر بضم الباء التمر قبل أن يُرطب، من البسر بفتح الباء وهو الإعجال، والزهو البسر الملون فيه حمرة وصفرة، والانتباذ وضع التمر والزبيب ونحوهما في الإناء وصب الماء عليهما وتركه مدة يحلو خلالها الماء، ويقال لهذا الماء نبيذ، سواء أكان مسكرا أو غير مسكر، وقد جاء ما يدل على ترك شربه بعد ثلاثة أيام لكونه مظنة لأن يشتد فيكون مسكرا، ففي مسند أحمد وصحيح مسلم وسنن أبي داود عن ابن عباس قال: كان ينقع للنبي ﷺ الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة، ثم يأمر به فيسقى الخادم أو يهراق»، وقد يختلف الأمر في ذلك بحسب درجة الحرارة، وإنما أمر أن يسقى الخادم ليبادر به قبل إدراك وقت تخمره واشتداده فيراق، لا أن الخادم يجوز له شرب ما لم يجز للنبي ﷺ، وقول المؤلف:«عند الانتباذ وعند الشرب»، أي أنه لا فرق أن ينبذ كل منهما على حدة ثم يخلطا عند الشرب، أو