للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٠٤ - «ومن استثنى؛ فلا كفارة عليه إذا قصد الاستثناء، وقال: إن شاء الله، ووصلها بيمينه قبل أن يصمت، وإلا لم ينفعه ذلك».

الاستثناء عند النحاة هو إخراج بعض الجملة بإلا أو إحدى أخواتها، والمراد به هنا التعليق على مشيئة الله تعالى، فمن حلف بالله تعالى أو بصفة من صفاته، وقال: إن شاء الله، أو إلا أن يشاء الله، واتصل استثناؤه بحلفه، ولو قدمه عليه؛ فإنه وإن لم يصح في صناعة النحو، فلا يضر ذلك بصحة الاستثناء، وينبغي أن يكون قاصدا للاستثناء قبل نطقه أو أثناءه أو بعده مباشرة، يدل عليه حديث ابن عمر عن النبي قال: «من حلف فاستثنى؛ فإن شاء مضى، وإن شاء ترك غير حنث»، رواه النسائي والبيهقي، وهو في صحيح الجامع، وعن ابن عمر عن النبي قال: «من حلف على يمين فقال إن شاء الله؛ فقد استثنى»، وهو في سنن أبي داود (٣٢٦١) وغيره، ورواه مالك في الموطإ عن ابن عمر أنه كان يقول: «من قال: والله، ثم قال: إن شاء الله، ثم لم يفعل الذي حلف عليه؛ لم يحنث»، فقوله فاستثنى؛ دليل على أنه لا يشترط القصد إلى الاستثناء قبل الانتهاء من الحلف، لأن الفاء للترتيب والتعقيب، فلا داعي لفصل اللفظ عن معناه في الزمن، ومعنى قوله فقد استثنى؛ أن الاستثناء ينفعه، وقول ابن عمر ثم قال؛ لا يدل على التراخي عند أهل المذهب، كما هو غالب استعمال ثم، يوضحه اللفظ المرفوع في الذي قبله وهو بالفاء التي تفيد التعقيب، وتعقيب كل شيء بحسبه.

والحديث دال على أنه لا يكفي في الاستثناء القصد إليه، لقوله فاستثنى، وهذه وإن كانت محتملة، إلا أن قوله: «فقال إن شاء الله»؛ نص، فإن النية ليست قولا، لكن أهل المذهب القائلين بوقوع الطلاق بالعزم عليه، ووقوع النذر بقصده؛ قد يصح أن يُلزَموا القول بوقوع الاستثناء بالقصد إليه من غير نطق، فإنه لا فرق بينهما، وإذا كان الشيء برمته

<<  <  ج: ص:  >  >>