هذا إذا لم يجحدها لأنه يمكن استيفاؤها منه قهرا، بخلاف الصلاة، فإن امتنع من أدائها ولزم لذلك مقاتلته قوتل، فإن قُتِل فدمه هدر، كما فعل أبو بكر ﵁ مع مانعي الزكاة، وقال:«والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة»، ولقول النبي ﷺ:«في كل أربعين من الإبل السائمة بنت لبون، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا، ليس لآل محمد منها شيء»، رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قوله مؤتجرا من أجر وهو حال من فاعل أعطاها، أي طالبا الأجر من الله، فالائتجار هو الاحتساب، وقوله وشطر ماله بالنصب معطوف على الضمير المتصل المنصوب بالوصف في قوله آخذوها، هذا في عون المعبود، والصواب: أن الضمير المتصل مجرور بالإضافة وشطر منصوب بعد واو المعية، وشطر المال نصفه أو بعضه، وقيل إن الراوي أخطأ في هذه اللفظة، وإنما الأصل فإنا آخذوها من شطر ماله، أي نجعل ماله شطرين، فنأخذ الزكاة من أفضلهما عقوبة له، والذي فروا منه وهو كون العقوبات المالية منسوخة أو غير معروفة، وأن من أتلف شيئا إنما يضمن مثله لم يخرجوا منه بهذا التأويل، لأن أخذ الأفضل هو عقوبة أيضا، فيكون في الحديث دليل على عقوبة مانع الزكاة، والأدلة على العقوبة المالية كثيرة مرفوعة وموقوفة والجمهور على خلاف ذلك، ونقل بعضهم الإجماع على المنع، والعزمة بفتح العين وسكون الزاي الشدة في الأمر والوقوف فيه، والمراد أن أخذ الزكاة قهرا من الممتنع مع شطر ماله أمر مفروض، والعزائم تقابل الرخص، وانظر التلخيص الحبير عند الحديث (٨٢٩)، وعون المعبود (٤/ ٣١٦)، وقد استشكل أخذ الزكاة من الممتنع قهرا مع أن النية فيها مطلوبة، وأين النية من الإكراه؟، حتى أخذ من ذلك بعضهم أن النية لا تشترط في إخراج الزكاة، والجواب: أن الظاهر أنه وإن كفى المكلفَ ذلك الأخذُ إلا أنه غير مثاب عليها، بل هو معاقب على الامتناع من أدائها، فلا حجة في الحديث على عدم اشتراط النية