للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٩ - «ولا يغسل المسلم أباه الكافر، ولا يدخله قبره إلا أن يخاف أن يضيع فليواره».

إنما نص على عدم تغسيل الأب الكافر؛ ليدل على أن غيره من الأقارب أولى أن لا يفعل به ذلك، فإن الأب مطلوب البر به حتى مع كفره، قال مالك في المدونة: «لا يغسل المسلم والده إذا مات الوالد كافرا، ولا يتبعه، ولا يدخله قبره، إلا أن يخشى أن يضيع فيواريه»، لكن هذا مقيد بما إذا وجد من يقوم بشأنه من أمثاله من الكفار، وإلا فإنه إن لم يوجد تعين عليه ستره، ومواراته.

قال ابن القاسم: بلغني عن مالك أنه قال في كافر مات بين المسلمين، وليس عندهم كفار، قال: «يلفونه في شيء، ويوارونه»، والمستند في ذلك مواراة علي بن أبي طالب أباه بأمر من النبي كما رواه أبو داود (٣٢١٤) عن علي قال: قلت يا رسول الله إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال اذهب فوار أباك، ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني، فذهبت فواريته وجئته، فأمرني فاغتسلت، ودعا لي».

لكن ظاهر الحديث لا يدل على اشتراط عدم وجود من يتولاه من أهل ملته، فقد كان هناك من يواري أبا طالب من الكفار، وقد يقال إن ذلك هو الأصل، وهو أن لا يتولى المسلم الكافر، فقيد جواز مواراته بذلك، اما ما في الحديث فقد يكون خشية منة الكفار على المسلمين وتشنيعهم عليهم بعدم مواراة أقاربهم، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>