١٧ - «والذكاة قطع الحلقوم والأوداج، ولا يجزئ أقل من ذلك».
قوله الذكاة أي التذكية، وأصلها تمام الشيء أو إتمامه، يقال ذكيت النار إذا أتممت إشعالها، وذكت الشمس إذا اشتدت حرارتها، وذكى البهيمة إذا أزهق روحها، والمراد بالذكاة هنا الذبح خصوصا، وإطلاقه على الذكاة اصطلاح، وهو فرد من أفراد ما تزهق به روح الحيوان فيحل أكله، والثلاثة الأخرى هي النحر والعقر وما يموت به ما ليس له نفس سائلة، وكلها ذكاة.
والذبح في المشهور هو «قطع مميز يناكح تمام الحلقوم والودجين من المقدم، بلا رفع قبل التمام»، كذا قال خليل ﵀، فدخل من كان مميزا من الصبيان، وقد نقل الإجماع على حل ذبيحته، ودخلت المرأة، وقد تقدم الكلام على ذبحها، وخرج غير المميز من الصبيان وكذلك المجانين والسكارى، ودخل في قوله يناكح؛ الكتابي وهو اليهودي والنصراني، لأنه يجوز نكاح أنثاه، وخرج بقوله تمام الحلقوم والودجين؛ قطع الحلقوم وحده، أو الودجين فقط، أو أحد الودجين، وقد نص المؤلف على ذلك بقوله:«ولا يجوز أقل من ذلك»، وبناء على اشتراط قطع الحلقوم قالوا إن انحازت الغلصمة إلى الجسم؛ لم تؤكل، مع شيء من الخلاف في مقدار ما يكفي من قطعها، والغلصمة بفتح الغين جمعها الغلاصم هي رأس الحلقوم أي الموضع الناتئ في آخر القصبة الهوائية إلى جهة الراس، والحلقوم بضم الحاء مجرى النفس، وقول المؤلف والأوداج المراد الودجان، وهما عرقان في صفحتي العنق يتصل بهما معظم عروق البدن، ولا يشترط في المذهب قطع المريء، وهو مجرى الطعام من الفم إلى المعدة.
واعلم أن العلماء قد اختلفوا فيما يكفي في الذبح، والذي تقدم مما يجب قطعه هو