ثمانون جلدة ما في حديث أنس ﵁ من أن النبي ﷺ أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين»، قال: وفعله أبو بكر ﵁، فلما كان عمر ﵁ استشار الناس فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر»، رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي، وروي أن النبي ﷺ جلد في الخمر ثمانين»، وعن السائب بن يزيد قال: كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله ﷺ وفي إمرة أبي بكر وصدرا من إمرة عمر فنقوم إليه فنضربه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان صدرا من إمرة عمر فجلد فيها أربعين حتى إذا عتوا فيها وفسقوا جلد ثمانين»، رواه أحمد والبخاري، ومن نظر في أدلة المخالفين ترجح عنده أن الحد إما أربعون جلدة، أو ثمانون، وأن الزيادة على الأربعين موكولة إلى اجتهاد الإمام بحسب حال الشارب، فهذا هو الأقوى، والله أعلم، وقد جاء ما يدل على أن شارب الخمر متى حد، فإنه يقتل في الرابعة، والحديث رواه أبو داود وابن ماجة عن معاوية ﵁، ولا دليل على نسخه.
وقد ذكر المؤلف الخمر والنبيذ فلا بد من بيان الفرق بينهما، أما الخمر وهي مؤنثة ومذكرة، يقال هذا خمر وهذه خمر وخمرة، قال المعري:
أيأتي نبي يجعل الخمر طلقة … فتُذهب بعضا من همومي وأحزاني؟
وهيهات لو حلت لما كنت شاربا … مخففة في الحلم كفة ميزاني
يقول الناس إن الخمر تودي … بما في الصدر من هم قديم
ولولا أنها بالعقل تودي … لكنت أخا المدامة والنديم
وهي كما في القاموس المحيط «ما أسكر من عصير العنب، أو هو عام، والعموم أصح، لأنها حرمت وما بالمدينة خمر عنب، وما كان شرابهم إلا البسر والتمر»، انتهى، والبُسر هو التمر قبل أن يرطب لغضاضته كذا في لسان العرب، وفيه «الخمر ما أسكر من عصير العنب لأنها خامرت العقل»، انتهى.
قلت: ولا يختلف تعريفه عن سابقه لأن التعليل دال على شمول الخمر كل مسكر، والذي اعتبره صاحب القاموس أصح هو الصواب لأن الخمر تغطي العقل، وتستره