ﷺ:«الخمر أم الخبائث، فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يوما، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية»، رواه الطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد جاءت الإشارة إلى معنى كونها أم الخبائث في الحديث الذي رواه الطبراني عن ابن عباس ﵄ مرفوعا:«الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه، وخالته وعمته»، وقال رسول الله ﷺ:«لعن الله الخمر وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها»، رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر، وقد كان العرب يسمونها الإثم جاء ذلك عنهم في أشعارهم منها قول القائل:
شربت الإثم حتى ضل عقلي … كذاك الإثم تفعل بالعقول
وقد حرمها الشرع لما في شربها من المضار الكثيرة على الإنسان وقد بَيَّنَ الأطباء وغيرهم من العلماء ذلك، وأكبر ما فيها فقد العقل الذي هو مناط التكليف، وهو إحدى الكليات التي جاءت الديانات بالمحافظة عليها، فالسكران يذهب عقله ويغدو كالحيوان، وقد يفعل ذلك بعض الناس ليفروا من واقعهم كما قال بعض العرب:
ولقد شربت من المدا … مة بالصغير وبالكبير
فإذا سكرت فإنني … رب الخَوَرنق والسدير!!
وإذا صحوت فإنني … رب الشويهة والبعير!!
والخورنق والسدير قصران فارسيان، والشويهة تصغير الشاة، وقد قيل للعباس بن مرداس في الجاهلية:«ألا تشرب الخمر، فإنها تزيد في حرارتك»؟، فقال: ما أنا بآخذ جهلي بيدي، فأدخله في جوفي، ولا أرضى أن أصبح سيد القوم، وأمسي سفيههم».
وقد نقل الإجماع على حد شارب الخمر، لكن اختلف في عدد الجلدات، والمذهب أنها ثمانون متى كان مسلما مكلفا حرا مختارا غير مضطر، والمضطر من به غصة ولم يجد ماء، ولا فرق بين من أسكره الشرب، ومن لم يسكره، ولو كان جاهلا بالحد أو بالحرمة لكونه حديث عهد بالإسلام، فلم يعذروه بذلك في شرب الخمر لشدة ضرره كما قالوا، وعذروه في الزنا وفيه نظر، ولا فرق بين القليل والكثير، وقد دل على أن حد الشرب