خرج عن الإسلام إلى غيره مثل الزنادقة وأشباههم فإن أولئك إذا ظُهر عليهم قُتِلوا ولم يُستتابوا، لأنه لا تعرف توبتهم، فلا أرى أن يُستتاب هؤلاء، ولا أن يُقبل منهم قولهم، وأما من خرج من الإسلام إلى غيره وأظهر ذلك فإنه يُستتاب فإن تاب وإلا قُتِلَ»، انتهى، وبَيَّنَ بعد ذلك أن هذا الحديث ليس على عمومه، فلا يشمل من بدل دينه من غير المسلمين، وقد اعتمد مالك في التفريق بين الزنديق لا يستتاب والمرتد يستتاب بالإضافة إلى ما تقدم على أثر محمد بن عبد الله بن عبد القاري الذي سيذكر في فقرة قتل المرتد، أما إن جاء الزنديق تائبا قبل الاطلاع عليه فإن توبته تمنع قتله.
فإن قلت: إذا كان الزنديق هو المنافق فما ذا يقال عن عدم قتل النبي ﷺ المنافقين خشية أن يقال إن محمدا ﷺ يقتل أصحابه فيكون ذلك سببا في التنفير من الإسلام؟، فالجواب: أن المانع من قتلهم معلل بعلة وقد زالت فيصدق عليهم الأحاديث القاضية بقتل المرتد إذ لا فرق بين المرتد والزنديق بل أمر الزندقة أخطر كما سبق.