٢٤ - «والرباط فيه فضل كبير، وذلك بقدر كثرة خوف أهل ذلك الثغر، وكثرة تحرزهم من عدوهم».
الرباط في اللغة هو الإقامة، وفي الشرع الإقامة في ثغور المسلمين لحراستها، أي المواضع التي يخشى دخول العدو منها بلاد المسلمين، وإنما يثبت حكم الرباط لمن خرج من منزله قاصدا الرباط، بخلاف من سكن بأهله في الثغر فلا ينطبق عليه حكم المرابط، وحكمه كما ذكر في باب جمل من الفرائض أنه فرض كفاية، كما ذكر في النذر حكم من نذره، واقتصر هنا على فضله، وقد قالوا إنه أفضل من الجهاد، قال النبي ﷺ:«رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها»، رواه البخاري ومسلم وبعض أصحاب السنن عن سهل بن سعد الساعدي ﵁، وقال النبي ﷺ:«عينان لا تمسهما النار:
عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله»، رواه الترمذي (١٦٣٩) عن ابن عباس.
وقال ابن عمر:«فرض الجهاد لسفك دماء المشركين، والرباط لحقن دماء المسلمين، وحقن دماء المسلمين؛ أحب إلي من سفك دماء المشركين»، انتهى، وهو في النوادر والزيادات (٣/ ١٤)، والأمران قد يتلازمان، لكن فيه عبرة لمن أراد ممن يثيرون القلاقل في بلاد الكفار فيرتب عليها ما لا يطاق من القتل والتخريب في بلاد المسلمين، فلا هم قاتلوا العدو قتالا شرعيا، وهم غير قادرين عليه في هذا الزمان بحيث يسلم من مفاسد أعظم مما هو مشروع لأجله من المصالح كما نعتقد، وكما هو معيش معلوم، ولا هم تركوا المسلمين آمنين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ولمالك كما في النوادر (٣/ ١٥): «وكلما كثر الخوف في ثغر من المرابطات كان