للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣٧ - «وأفضل الليل آخره في القيام، فمن أخر تنفله ووتره إلى آخره؛ فذلك أفضل، إلا من الغالب عليه أن لا ينتبه فليقدم وتره مع ما يريد من النوافل أول الليل، ثم إن شاء إذا استيقظ في آخره تنفل ما شاء منها مثنى مثنى، ولا يعيد الوتر».

وقت الوتر في المذهب بعد صلاة العشاء الصحيحة، ويخرج بطلوع الفجر، والمراد بالعشاء الصحيحة؛ تلك التي تصلى في وقتها، لا التي تجمع مع المغرب جمع تقديم للسفر أو المرض أو المطر، ففي هذه الحالة لا تصلى الوتر حتى يدخل وقت العشاء، ودليل ذلك أن الشارع رخص في تقديم العشاء، والرخصة يقتصر فيها على ما وردت فيه، ولا يقاس غيرها عليها، فمقدم الوتر هو الذي يطالب بالدليل، لا من تمسك بالأصل، أما الوقت الذي يصلي فيه المرء وتره من الليل؛ فيختلف، فمن كان يأنس من نفسه الاستيقاظ قبل طلوع الفجر؛ فليؤخر وتره حتى يصليه آخر الليل مع ما يريد من الأشفاع قبل طلوع الفجر، فإن أفضل الليل آخره وهو ثلثه الأخير، لأنه وقت النزول الإلهي، ولا يضره إن لم يستيقظ أحيانا خلافا لعادته، وقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري (١١٤٥) وغيره في باب الدعاء والصلاة من آخر الليل عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فاستجيب له؟، من يسألني فأعطيه؟، من يستغفرني فأغفر له»؟، وقوله ينزل النزول على ظاهره على الوجه الذي يليق به سبحانه من غير تأويل ولا تمثيل ولا تكييف، ولا يلزم من النزول وإثبات جهة العلو له سبحانه شيء من مشابهة خلقه، فقد قال سبحانه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].

أما إن كانت عادة المرء عدم الاستيقاظ إلا مع طلوع الفجر أو بعده، فليقدم وتره

<<  <  ج: ص:  >  >>