رواية من حديث صفوان عند أبي داود قوله ﷺ لصفوان:«فهل نغرم لك»؟، بفتح الراء، فالذي يجب في العارية إنما هو الأداء، وعلى ذلك جاء قوله ﷺ:«العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدَّيْنُ يقضى، والزعيم غارم»، رواه أبو داود (٣٥٦٥) وابن ماجة من حديث أبي أمامة ﵁، والمنحة بكسر الميم الشاة تعار للحلب، ومثلها الشجرة ليؤخذ ثمرها والأرض لتزرع، وقوله والدَّيْنُ يقضى أي يجب قضاؤه، والزعيم هو الكفيل والحميل، وغارم أي يدفع ما ضمنه عند تعذر أخذه ممن ضمنه، ومعنى أن العارية مؤداة أي يجب أداؤها وردها لصاحبها متى انتهت مدة الاستعارة، ومن أهل المذهب من تأول قوله مؤداة على معنى أنها مضمونة، واعتبروا ما في حديث صفوان بن أمية من قوله ﷺ:«بل عارية مضمونة»، مفسرا لذلك، وقد علمت أن الصواب خلافه، وقد فرق أهل المذهب في تضمين المستعير بين ما يغاب عليه فيضمنه وما لا يغاب عليه فلا يضمنه إلا إذا تعدى، ورأى بعضهم في ذلك جمعا بين الأحاديث القاضية بالضمان فحملوها على ما يغاب عليه، والأخرى القاضية بعدمه فحملوها على ما لا يغاب عليه، ومما استدل به على ضمان العارية قول النبي ﷺ:«على اليد ما أخذت حتى تؤدي»، ثم إن الحسن نسي فقال:«هو أمينك لا ضمان عليه»، رواه أصحاب السنن الأربعة من طريق قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا، (د/ ٣٥٦١)، وحسنه الترمذي، وهذا ليس صريحا في تضمين المستعير بإطلاق، بل هو دال على لزوم الأداء، وعليه فقول قتادة وهو الراوي عن الحسن إن الحسن نسي لا يسلم، بل المراد من الأداء مطلق إرجاع ما أخذه المرء وديعة أو إعارة أو إجارة إلى صاحبه، وعلى افتراض دلالته على ذلك فقد عورض بما تقدم، نعم هو نص في لزوم الحفظ فإذا لم يحفظ ضمن، وأحرى إذا تعدى، ولا بد من تقدير محذوف ليصح الكلام، وهو إما الضمان أو الحفظ أو الأداء، ولا يجوز أن يقدر الأداء لأن الشيء لا يكون غاية لنفسه، ولا يجوز أن يقدر الضمان والحفظ معا، لأن المقتضي لا عموم له، فيقال إن الحفظ هو اللازم حتى تؤدى العارية، أما الضمان فقد سبق من الأدلة ما يؤخذ