للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذن المؤذنون كلهم بين يديه، وهذا هو الذي أراد المؤلف التنبيه على كونه خلاف السنة.

لكن ما ذكره المؤلف من تعدد المؤذنين ليس صوابا كما علمت، ولعله تابع فيه ابن حبيب، فإنه قال كما في النوادر: «وكان النبي إذا دخل المسجد رقي المنبر فجلس، ثم أذن المؤذنون وكانوا ثلاثة، يؤذنون على المنار واحدا بعد واحد، فإذا فرغ الثالث قام فخطب،،»، وقد رد الحفاظ ما ذكره ابن حبيب وطعنوا فيه، لكن غرضه -رحمه الله تعالى- كان الاتباع، فإنه قال بذلك رواية لا رأيا، وقد قال بعد أسطر من قوله المتقدم يرد على ما أحدثه هشام: «والذي مضى من فعل النبي أحق أن يتبع»، وبهذا تعلم أن تعدد المؤذنين في الوقت الواحد، جمعة كانت أو غيرها؛ ليس من السنة، وقد أشار صاحب المختصر إلى جوازه بقوله: «وجاز أعمى وتعدده وترتبهم - إلا المغرب - وجمعهم كل على أذانه»، وإنما استثنى المغرب لما علمت من أن المشهور عدم امتداد وقته إلى الشفق.

ومن فروع الباب: مسألة سقوط الجمعة إذا وافقت يوم عيد عمن صلى العيد، والمشهور في المذهب عدم السقوط، وعللوا ذلك بأن العيد سنة، فكيف تقوم مقام الفرض؟، لكن روى مالك في الموطإ (٤٣٠) عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: «شهدت العيد مع عمر بن الخطاب فصلى ثم انصرف، فخطب الناس، فقال: إن هذين يومان نهى رسول الله عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم، قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان، فجاء فصلى ثم انصرف فخطب، وقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له،،،» وأصله في الصحيحين، ورواه البخاري في الأضاحي.

وللإمام في ذلك روايتان:

أولاهما: رواية ابن القاسم عنه أن ذلك غير جائز، وأن الجمعة تلزم من صلى العيد، ومن حجتهم في هذا أن صلاة العيد سنة، فكيف تقوم مقام الفريضة؟، وقالوا إنه ليس للأئمة أن يأذنوا في ترك واجب، وخص ذلك بعضهم بإذن الإمام.

والرواية الثانية: رواية ابن وهب ومطرف وابن الماجشون عن مالك أن ذلك جائز،.

<<  <  ج: ص:  >  >>