احتج على كونها سنة بما ثبت من قول النبي ﷺ وفعله أن من استتم قائما لا يرجع إليها، على أن يسجد لتركه قبل سلامه، ففي حديث عبد الله ابن بحينة أن النبي ﷺ صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين لم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم»، رواه البخاري ومسلم، ووجه الدلالة منه عدم رجوعه للجلوس والتشهد، وقد جاء أنهم سبحوا له، وليس هذه الدلالة بالبينة على عدم الوجوب لاسيما مع اشتراط استتمام القيام كما في قوله ﷺ:«إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس، فإذا استتم قائما فلا يجلس، ويسجد سجدتي السهو»، رواه أبو داود وابن ماجة عن المغيرة بن شعبة، وتعليق عدم الرجوع للتشهد باستتمام القيام أو بالاستواء مشعر بأولوية ما شرع فيه على ما تركه فيكون من باب الترجيح، وليس كل ما شرع سجود السهو له ليس واجبا، فكيف إذا ضم إلى ذلك أنه ﷺ أمرنا أن نصلي كما كان يصلي، وأنه أمر المخطئ في صلاته بالتشهد، والمذهب أنه يرجع ما لم يفارق الأرض بيديه وركبتيه، وهو قريب من استتمام القيام، لكن الحديث نص، ومن رجع قبل استتمام القيام فلا سجود عليه بنص الحديث الذي فيه نفي السهو، والمراد نفي أثره، أما وجوب التشهد الثاني فإنه عندهم وإن شارك الأول في السنية فإن الجزء الذي يوقع فيه السلام فرض، والنبي ﷺ لم يسلم إلا جالسا، فهو واجب لإيقاع السلام فيه لا لنفسه، والمهم أنهم أعطوا الظرف حكم المظروف فجعلوا بعض الجلوس واجبا وبعضه سنة، وبعضه مندوبا وهو الزائد على قدر السلام.