للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبت عن بعض الصحابة أنهم كانوا يعلمون الناس وضوء النبي بطريقة عملية، وربما اكتفى بعضهم بوصف وضوئه ، أو جمع بين الأمرين، منهم علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وابن عباس، وعبد الله بن زيد، وأبو هريرة، والمقدام بن معديكرب، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبو أمامة، والربيع بنت معوذ بن عفراء، ، كما فعلوا ذلك بالنسبة للصلاة، فكيف يقال ببطلان صلاة من لم يعرف ما ذكر؟، بل كيف يقال بأن الحاجة إلى معرفة الأحكام مقدمة؟، ومن ذلك ما رواه مالك في الموطإ بلاغا عن ابن عمر أن رجلا سأله عن الوتر أواجب هو؟، فقال ابن عمر: «قد أوتر رسول الله وأوتر المسلمون»، فجعل الرجل يردد عليه، وعبد الله بن عمر يقول: «أوتر رسول الله وأوتر المسلمون»، وهكذا سؤال من سأله عن حكم الأضحية فقال له: «ضحى رسول الله والسلمون، فكرر عليه السؤال فقال له: «أتعقل، ضحى رسول الله والسلمون»، وهو في سنن الترمذي، وهو ضعيف، ومنه حوابه من سألأه عن قربان المحرم امرأته إذا طاف، قذكر له فعل النبي ، وقرأ قوله تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة»، وهو في الصحيح.

[٥ - اشتمالها على الباب الجامع]

لكن ابن أبي زيد قد جمع بين الأمرين: الوصف الذي غلب عليه في الأبواب الخاصة بكل موضوع، وبيان حكم كثير من الأعمال في باب خاص سماه (باب جمل من الفرائض والسنن والرغائب)، وهو باب جمع علما غزيرا، حيث ذكر حكم مئات الأمور، وهو من أحسن الأبواب فيما رأيت من كتب الفقه، لما فيه من الجمع بين الأحكام العملية والعلمية، ولذلك فإن الشراح كثيرا ما يحيلون عليه لبيان أحكام بعض الأمور، قال أبو الحسن: اعلم أن للحج فرائض وسننا وفضائل، وقد بين الشيخ بعضها في باب جمل، ولم يبينها هنا، وإنما ذكر صفة الحج على الترتيب الواقع المشتملة عليها إن شاء الله تعالى».

وقد سلك ابن أبي زيد نفس المسلك عندما ألف مختصر المدونة، فقد أفرد فيه كتابا ختمه به سماه كتاب الجامع، وهو مختلف من حيث الموضوع عن جامعه في رسالته، وافتتحه بمقدمة نقلها عنه ابن القيم في كتابه (اجتماع الجيوش الإسلامية)، وقال الشيخ بكر

<<  <  ج: ص:  >  >>