للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرائض وسنن وفضائل، ولم يميزها، ونحن نبين كلا من ذلك إن شاء الله تعالى في محله.

ويؤخذ من كلام أبي الحسن أن من أتى بصلاته على نحو ما رتب، ولم يعلم شيئا من فرائض الصلاة، ولا من سننها وفضائلها؛ أن صلاته صحيحة، وهو صحيح إن كان أخذ وصفها من عالم، وقيل تبطل، ولذا قال بعضهم: حاجتنا إلى معرفة الأحكام آكد من حاجتنا إلى معرفة الصفة.

وقال الشيخ علي الصعيدي في باب الإمامة: «والمراد بالعلم المذكور معرفة فرائضها وسننها وفضائلها، ويكفي معرفة تلك المذكورات ولو حكما، كمن أخذ صفة الصلاة من كلام المصنف أو من عالم، فإنها تصح خلفه، ولو لم يميز فرضا من سنة» (١).

وقال الشيخ أحمد بن غنيم النفراوي في شرحه أوائل كتاب الحج والعمرة: «لكن تقرر أن من أراد الشروع في شيء ينبغي له أن يعرف أركانه قبل الشروع في صفته»

قلت: الأصل أن يعلم الإنسان كيفية العمل، ولا مانع من معرفة الأحكام، لكن كثيرا من الأحكام مختلف في درجتها، بل عامة الناس يكفيهم الوصف كي يأتوا بالعبادة على وجهها الصحيح، ولهذا قال النبي عن الصلاة: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (٢)، وقال عن الحج: «خذوا مناسككم» (٣)، وكلاهما في الصحيح، وسأله أكثر من واحد عن كيفية الطهور، فتوضأ أمامه، وقال لبعض من علمهم: «هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم» (٤)، أو بين له الكيفية كما في حديث لقيط بن صبرة، بل إن جبريل نفسه قد بين للنبي أوقات الصلوات الخمس بيانا عمليا، حيث صلى به يومين متواليين، ثم قال: «ما بين هذين وقت»، ونفس العمل قام به النبي مع الرجل الذي سأله عن مواقيت الصلاة، وقال له: «الوقت فيما بين هذين» (٥).


(١) «حاشية علي الصعيدي العدوي على شرح أبي الحسن للرسالة» (١/ ٤٧٤).
(٢) رواه البخاري (٦٣١).
(٣) رواه أحمد (١٤٤١٩).
(٤) رواه أبو داود (١٣٥).
(٥) رواه مسلم (١٩١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>